حينما يقترب رمضان من نهايته تتوهج الليالي العشر الأخيرة بنورٍ خاص، فهي أوقات اصطفاها الله ليكون فيها الخير مضاعفًا والأبواب مفتوحة للرحمة والمغفرة، إنها ليالٍ تنحني فيها الأرواح وتسمو فيها القلوب فتتجدد العهود مع الله وتنسكب الدموع في سجودٍ صادق.
في هذه الأيام المباركة، يتسابق العابدون لاغتنامها بأفضل الأعمال فيبحثون عن أعمال العشر الأواخر من رمضان التي تقربهم من رحمة الله، ويترقبون أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان حتى يرفعوا درجاتهم في ميزان الطاعة، وما أعظم أن يكون الدعاء رفيق هذه الليالي فهو سرٌ بين العبد وربه ومفتاح لكل خيرٍ يرجوه القلب.
في هذا المقال من مسارات، نسلط الضوء على أعمال الليالي العشر الأخيرة من رمضان، ونستلهم من نهج النبي الكريم في عباداته خلال هذه الأيام العظيمة، كما نجيب عن أبرز الأسئلة الشائعة حول كيفية إحياء هذه الليالي المباركة، وأفضل ما يقال فيها من الدعاء والذكر.
أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
حين تنحسر الأيام وتُقبل الليالي العشر الأخيرة من رمضان، تتهيأ الأرواح لاستقبال نفحات الرحمة فتزداد القلوب خضوعًا وتعلو الهمم طلبًا لرضوان الله.
هذه الليالي المباركة تفتح أبواب القرب وتمنح المؤمن فرصة ثمينة للتزود من الخيرات، لذا فإن أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان هي تلك التي تُرقق القلب وتُصفي الروح، مثل إطالة القيام وتلاوة القرآن بخشوع والاعتكاف في المساجد فهي أيام يذوب فيها العبد في طاعة مولاه.
وربما يكون إخراج الصدقات من أبرز وأكثر الأعمال التي يقوم بها المسلمون في العشر الأواخر، لأن فضلها لا يقتصر على الأجر في الآخرة، وإنما يستشعر المتصدق أثرها في الدنيا قبل الآخرة، وبها يدفع الله أنواعاً من البلاء، وهي مطهرة للمال وبركة له، وفيها انشراح الصدر وراحة القلب، وهي دواء للأمراض، حيث ورد قوله صلى الله عليه وسلم: ” داووا مرضاكم بالصدقة “.
كما أن الصدقة وسيلة مهمة للتكافل الاجتماعي، ودعم أفراد المجتمع بعضهم بعضاً كالبنيان المرصوص، حيث يتفقد من خلالها الغني أحوال أصحاب الدخل القليل والمحتاجين، ويسعى ليسد احتياجاتهم الأساسية، والتي من أهمها إعانتهم ليحصل أبنائهم على حقهم الأساسي في التعليم، وهذا الخير الذي تحاول مبادرة مسارات أن تسهل لكم طريقه، فمن خلال تبرعاتكم لحملة تعليم الطلاب الأيتام، وكذلك دعم حملة تعليم أصحاب الهمم، ومعها حملة تعليم نازحي المخيمات، ستساهمون في إنشاء مجتمع قويِّ التعليم، ليكون سدّاً في بناء الأمة.
الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان
إذا كانت الليالي العشر الأخيرة من رمضان موطن النفحات الإلهية، فإن أعمال الليالي العشر الأخيرة من رمضان ينبغي أن تكون جسورًا تصل العبد بمولاه، ومن أسمى أعمال العشرة الأخيرة من رمضان تكرار الدعاء وقيام الليل والذكر طوال الوقت، كما أن العبد يسجد بين يدي الله بخشوع مرددًا كلمات التذلل والرجاء، ومن هذه الأدعية:
- “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، وهو من أحب الدعوات التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.
- “اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، واكتب لنا في هذه الليالي رحمةً واسعةً ومغفرةً تامةً”.
- “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”.
كما يستحب للمسلم قبل الدعاء أن يقدم بين يدي الله تعالى عمل خير ينفع به الآخرين، فيسعى قبل الدعاء لإخراج زكاة المال في رمضان، لأنها مفتاح الخيرات والبركات، خاصة عندما ترتبط بأثر ممتد لا ينقطع، لذلك نضع بين أيديكم فرصة التبرع لحملة التدريب المهني لدعم تدريب الشباب في سوريا، والتي نسعى من خلالها لتمكين الشباب بالمهارات اللازمة والأكثر طلباً في سوق العمل عن بعد، ونؤهله ليحصل على فرصته بالعمل محلياً وعالمياً، فيكفي نفسه، ويكفي أسرته بالاستقرار المادي والمعنوي، ويتحول إلى فرد فاعل في نهضة المجتمع وتطوره.
أعمال النبي في العشر الأواخر من رمضان
لقد كان هدي المصطفى في هذه الأيام متميزًا عن سائر أيام الشهر، فقد كان يُشدّد المئزر ويحيي الليل ويوقظ أهله ويتفرغ لعبادة ربه، فكانت أعمال النبي في العشر الأواخر من رمضان فيها اجتهاداً حريصاً، حيث استمر في الذكر والتضرع وحرص على إحياء الليل بالصلاة الطويلة التي تُنير القلوب وتزيل الغشاوة عنها.
قالت عائشة رضي الله عنها “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله” (أخرجه البخاري).
وفي ليلة القدر ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”. (أخرجه البخاري ومسلم).
وكان عليه الصلاة والسلام أجود ما يكون في رمضان، فقد كان كالريح المرسلة من العطاء، وعلى هديه صلى الله عليه وسلم نسير ونسعى، فنستثمر هذه العشر لنتفقد من يحتاج منا المساعدة، نتفقد الفقراء والمساكين، ونتفقد من يمكننا من خلالهم أن نحصل على أجر الصدقة الجارية، لذلك نفتح أمامكم الطريق وتيسر لكم السبل حتى تصل تبرعاتكم وصدقاتكم للطلاب الأيتام أكثر الفئات احتياجاً لدعمكم، و للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ينتظرون منكم يداً حانية تدعمهم ليحققوا انجازاتهم، ولأطفال المخيمات عبر حملة علّم وأطعم فيكون لكم أجر التعليم والإطعام معاً.
لا تبخل على نفسك بعظيم الأجر .. اختتم شهر الخير بأعمال الخير والإحسان