عرّفت الأمم المتحدة الفقر المدقع أو الفاقة بأنه ” حالة تتسم بالحرمان الشديد من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب المأمونة، ومرافق الصرف الصحي، والرعاية الصحية، والمأوى، والتعليم، والمعلومات ” أي أن ذلك يعتمد ليس فقط على الدخل وإنما يتعلق أيضاً الحصول على الخدمات ”
أسباب الفقر كثيرة ومتداخلة، يصعب فصل بعضها عن البعض مثل البطالة، والاستبعاد الاجتماعي، والتعرض للكوارث والأمراض وغيرها من الظواهر التي تمنع الأفراد من أن يكونوا منتجين.
في هذا المقال سنتكلم عن اليوم الدولي للقضاء على الفقر، إحصائيات متعلقة به، الجهود المبذولة لحله، وعن مبادرة مسارات ودورها في كل ذلك
ما هو اليوم الدولي للقضاء على الفقر، وموقعه خطة التنمية المستدامة 2030
يعد القضاء على الفقر المدقع لجميع الناس في كل مكان، هدفاً محورياً لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وقد بدأ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1987، حينما اجتمع ما يزيد على 100.000 شخص تكريماً لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقِّع فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام م1948.
وقد أعلنوا أن الفقر يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية ضمان احترام تلك الحقوق، وقد نُقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار ذلك اليوم.
ومنذئذ، يتجمع كل عام في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر أفراد من شتى المشارب والمعتقدات والأصول الاجتماعية لتجديد التزامهم إزاء الفقراء والإعراب عن تضامنهم معهم.
يهدف الاحتفال السنوي في 17 تشرين الأول/أكتوبر، إلى تعزيز التفاهم والحوار بين من يعيشون في فقر وبقية أطياف المجتمع.
إحصائيات مهمة في اليوم الدولي للقضاء على الفقر
وفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن ما يقرب من 700 مليون شخص حول العالم يعيشون حالياً في فقر مدقع، وربما زاد الرقم كثيراً خصوصاً بعد تداعيات الحرب في غزة، وحرب أوكرانيا، وحرب السودان، والبلاد العربية العديدة التي تعاني منذ سنوات طويلة من صراع نهش مقدراتها المادية والبشرية.
فمثلاً هناك نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، كما لا يزال ملايين السوريين يعيشون حالة النزوح داخلياً (قرابة 31% من إجمالي السكان).
أيضا هناك ما يقارب 7.5 مليون طفل سوري يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وأكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن .
بحسب تقرير البنك الدولي، هنالك حوالي 27% من السوريين، أي نحو 5,7 ملايين نسمة، يعيشون في ” فقر مدقع ” كل ذلك نتيجة للصراع الذي بدأ عام 2011م ولم ينته بعد، وربما زاد الوضع سوءاً بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023م، الذي أودى بحياة نحو 6 آلاف وأصيب أكثر من 14 ألفا و500 آخرين في سوريا، وكانت له آثار سلبية على ما يقارب 11 مليون شخص.
بالنسبة لتأثير الفقر على مجال التعليم، ففي الشمال السوري ما يقارب 2.4 مليون طفل خارج العملية التعليمية، بالإضافة إلى 1.6 مليون آخرين مهددين بالانقطاع عن التعليم، وهذا من أكبر وأسوء آثار الفقر، والحالة المادية الصعبة التي يعيشها المجتمع هناك.
وعندما نتكلم عن التعليم فإننا نتكلم عن الخطوة الأولى في بناء الإنسان، الفرد الذي سيحمل على عاتقه بناء المجتمع وإعادة تأهيل البنى التحتية بكافة مجالاتها لتصبح قابلة للاستثمار والتطوّر..
بسبب كل الظروف الصعبة التي كان ولا يزال يمر بها الشمال السوري، من النزوح والتهجير والاضطرار للإقامة في المخيمات، ظهرت الحاجة الكبيرة للمبادرات بشتى المجالات، وبرز دور مبادرة مسارات التعليمية، التي تقدم خدماتها للطلاب بشكل مجاني ويستفيد منها الطلاب الأيتام، ذوي الاحتياجات الخاصة، سكان المخيمات، المنقطعين عن التعليم، والأمهات الراغبات بإكمال تعليمهن أيضاً.
جهود مكافحة الفقر عالمياً وإقليمياً
تعتبر مكافحة الفقر أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، وقد شهدت جهودًا حثيثة على المستويين العالمي والإقليمي، تتنوع هذه الجهود بين المبادرات الحكومية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ولأن التحديات التي تواجه مكافحة الفقر تتنوع ما بين التفاوت الاقتصادي، الصراعات، الحروب، التغيرات المناخية، والأوبئة والأمراض، لذلك فإن هنالك العديد من المبادرات التي تساهم في القضاء على الفقر ضمن مجالات عمل مختلفة، ولكنها في أغلب الأحيان تتداخل أهدافها وتؤثر بعضها البعض، أبرز هذه المبادرات:
- التنمية المستدامة للأمم المتحدة: وتشمل هدفاً خاصاً بالقضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول عام 2030م.
- البنك الدولي: الذي يقدم قروضاً ومنحاً للبلدان النامية لدعم جهودها في مكافحة الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي، أهم مبادراته هي البرامج التنموية للدول النامية ومبادرة إنهاء الفقر المدقع.
- صندوق النقد الدولي: الذي يقدم الدعم للبلدان التي تواجه صعوبات اقتصادية.
- برنامج الأغذية العالمي: وهو يعمل على توفير الغذاء للمجتمعات المتضررة من الكوارث والصراعات، وتحسين الأمن الغذائي.
- اليونيسف: المهتمة بحماية حقوق الطفل، وتحسين صحة الأطفال، وتوفير التعليم لهم.
- منظمة الصحة العالمية: التي تعمل بهدف تحسين الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، ومكافحة الأمراض المعدية.
- مبادرات مؤسسات المجتمع المدني: تساهم العديد من المنظمات غير الحكومية في مكافحة الفقر من خلال تقديم الخدمات الأساسية وتنفيذ برامج التنمية المجتمعية.
أهمية التعليم في القضاء على الفقر
تعتبر العلاقة بين الفقر والتعليم علاقة وثيقة ومتشابكة، حيث يؤثر كل منهما على الآخر بشكل كبير، فمن جهة، يؤدي انخفاض مستوى التعليم إلى صعوبة الحصول على وظائف ذات رواتب مناسبة، تضمن الحياة الكريمة، مما يدفع بالفرد وأسرته نحو دائرة الفقر.
ومن جهة أخرى، يقلل الفقر من إمكانية حصول الأفراد على التعليم الجيد، سواءً بسبب تكاليف الدراسة أو بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي تجبر الأطفال على العمل بدلاً من الدراسة، أو سوء التغذية الذي يؤثر على القدرة على التركيز والتعلم .
كيف تساهم مسارات بالقضاء على الفقر في الشمال السوري
مبادرة مسارات مبادرة تعليمية غير ربحية، تعمل على تيسير وصول المعرفة للطلاب في كل مكان، تسعى جاهدة لتوفير فرص تعليمية متساوية لجميع الأطفال والشباب، بغض النظر عن ظروفهم الاجتماعية أو الاقتصادية.
لا يقتصر دور المبادرة على التعليم الأكاديمي بحسب المناهج المعتمدة من خلال المسار التعليمي فقط، بل تعمل أيضاً على تعزيز مهارات الحياة الأساسية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والعمل الجماعي، واكتشاف المواهب والقدرات للطلّاب من خلال مسار الأنشطة الطلابية.
كما تساعد الطلاب على اكتشاف ميولهم ورغباتهم وتوجّههم نحو التخصصات الجامعية الأفضل لهم من خلال مسار الإرشاد الأكاديمي، والأهم أنها تقدّم لهم التدريب المهني بتخصصات مختلفة، حتى تمكنهم وتفتح لهم الطريق ليدخلوا مجال المنافسة في سوق العمل المحلي والعالمي، ويكونوا قادرين على التكيف مع التحديات التي يواجهونها.
لذا فهي تحارب الفقر بالتعليم والتطوير وهذه أفضل الطرق وأدومها، لأنها تفتح أبواباً جديدة للعمل مما يساهم في زيادة الدخل ورفع مستوى المعيشة، ورفع الوعي مما يؤدي إلى تحسين المجتمع ككل، وتعزز دور الأفراد في المشاركة المجتمعية، وتعمل على تمكينهم ليخرجوا من دائرة الفقر، إلى دائرة العمل، وبذلك تتحسن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
في اليوم الدولي للقضاء على الفقر .. ما هو مستقبل مكافحة الفقر ؟
على الرغم من التحديات الكبيرة، هناك أمل في تحقيق هدف القضاء على الفقر، من خلال الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، لأن كل ذلك يمكّننا من بناء عالم أكثر عدلاً ومساواة.
هنالك العديد من الفرص التي يمكن استغلالها لمحاربة الفقر مثل:
- التقدم التكنولوجي الذي يلعب دورًا حاسماً بالموضوع من خلال توفير حلول مبتكرة في مجالات الزراعة والصحة والتعليم، وغيرها.
- الاستثمار في التعليم فهو يمكّن الأفراد من الحصول على وظائف أفضل وتحسين مستوى معيشتهم.
- الاستثمار في البنية التحتية مثل الطرق والمياه والكهرباء مما يساهم في تحسين الظروف المعيشية للفقراء.
- التعاون الدولي: يتطلب القضاء على الفقر تعاوناً دولياً واسع النطاق.
- التمكين الاقتصادي للمرأة: الذي يساهم في تحسين أوضاع أسرها ومجتمعاتها.
ختاماً..
مشكلة الفقر أكبر بكثير من أن نتحدث عنها بمقال، أو نتكلم عنها فقط في اليوم الدولي للقضاء على الفقر، لأنها مشكلة تهددنا جميعاً بغض النظر عن مواقعنا فهي مشكلة عالمية، وعليه فإن محاولة حلّها تقع على عاتق كل واحد فينا حيثما كان.
لذلك فإن مبادرة مسارات تفتح لكم المجال وتيسر لكم الطريق لتساهموا بشكل مباشر بجزء من حل مشكلة الفقر التي يعاني منها المجتمع ككل في الشمال السوري، وليكون لكم السبق بدعم بناء الإنسان ضمن الفئات الأكثر احتياجاً.
وذلك من خلال المشاركة بحملة ” قطرة ” حملة الاستقطاع الشهري التي تساهمون من خلالها بمبلغ شهري تحددونه بأنفسكم، حيث يمكنكم تعيين بداية مشاركتكم ونهايتها، ولكن الأثر الذي ستتركونه لن ينتهي، بل سيبقى حاضراً لدى كل شخص استفاد من الحملة سواءً كان من الأيتام، ذوي الاحتياجات الخاصة، سكان المخيمات، الأمهات الراغبات بإكمال دراستهن ..
لأن الخير يبدأ بقطرة، فإن كل مساهمة منكم ستكون جزءاً مهماً من نهر الخير الذي سيغير واقعهم المؤلم لواقع أفضل، وسيفتح لهم أبواب العلم والتمكين المعرفي والمهاري، والاستقلالية المادية التي ستغيّر وتعدّل نسب الفقر العالية ..
ساهم الآن في حملة قطرة لدعم التعليم في الشمال السوري
لأن الخير يبدأ بقطرة
رهام حبيب الله/ بتصرّف