ليس خافياً الخلاف في الفقه الإسلامي حول مسألة الزكاة في مال الصبي والمجنون، والتي تشكّل موضوعاً جدلياً بين العلماء والفقهاء، حيث يتشعّب هذا الخلاف إلى أصل النظرة في الزكاة: هل هي من قبيل العبادات التي تتطلب التكليف والقدرة على الأداء، أم أنها حقٌّ ماليٌّ للفقراء يجب إخراجه من أموال الأغنياء بغضّ النظر عن حالة المالك؟
نناقش في مقال اليوم الآراء المختلفة والأدلة الشرعية التي استند إليها كلّ مذهبٍ في زكاة مال الصبي والمجنون، ونضعك في ضوء هذه المسألة الفقهية لنوضحها لك مع شرحٍ لمختلف وجهات النظر حولها.
ما هي الزكاة في مال الصبي والمجنون؟
تشعّب الخلاف الفقهي حول زكاة مال الصبي والمجنون بين العلماء، متبايناً بين كونها عبادةٌ شخصيةٌ لا تُفرض إلّا على المكلفين، وبين مفهومها كحقٍّ من حقوق الفقراء يُستحق من أموال الأغنياء بغض النظر عن قدرة مالكها على أداء الفريضة، إذاً ماذا تحدثت الاتجاهات الأربعة عن الزكاة في مال الصبي والمجنون؟
الاتجاهات في الزكاة في مال الصبي والمجنون
اختلفت المذاهب الأربعة فيما يخصّ زكاة مال الصبي والمجنون فانقسمت إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول
يضمّ كلّاً من الشافعية والمالكية والحنابلة، والتي تقول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون استناداً لأدلةٍ هي:
- قول الله تعالى: ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا”، فالزكاة في مال الصبي أمرٌ وفريضةٌ يجب قضائها إذا اكتمل النصاب واكتمل الحول.
- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ). وهذا القول يفسر بأن الزكاة واجبة في عموم المال.
الاتجاه الثاني
ويتفرّد به مذهب الأحناف الذي يرى بأن الزكاة في مال الصبي والمجنون لا تجب وغير جائزة، وهي مثل باقي العبادات. وذلك لدليلين استند إليهما:
- الآية الكريمة: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا”، لذا حكم زكاة الصبي الصغير وحسب تفسير هذه الآية ليس أهلاً للتطهير أيّ لا ذنب له.
- الحديث النبوي الشريف: “رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل”. فالأصل عدم تكليف الصبي والمجنون في زكاة المال، والعبادات لا يحُاسب عليها إلا المكلّف بالصلاة والصيام.
ما حكم زكاة مال الصبي والمجنون وجوباً وجوازاً؟
تباينت آراء العلماء وأئمة المذاهب الإسلامية حول هل الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون، بين مؤيدٍ لوجوبها ومعارضٍ لها حسبما ذُكر في فتوى اللجنة الدائمة بالمملكة السعودية، وذلك استنادًا للحديث النبوي الشريف عندما أرسل صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى أهل اليمن طالباً إليه أن يحدّثهم بقوله: أعلمهم أن عليهم صدقةً تُؤخذ من أغنيائهم فتُرّد على فقرائهم.
فيكون بذلك ( ص ) قد وسّع مفهوم “الأغنياء” بغض النظر عن الحالة الذهنية أو العمرية لمالكها، وشمل زكاة مال الصبي والمجنون.
رأي المذهب الحنفي
تذهب الحنفية إلى عدم جواز الزكاة في مال الصبي والمجنون لأنّه غير مكلّفٍ فتسقط عنه الصلاة والصوم، فكيف بالزكاة إذاً؟
لكنّ الرد على الأحناف جاء بالتأكيد على أن الزكاة بخلاف الصلاة والصوم تعتبر حقًا ماليًا يستفيد منه الفقراء، مما يجعلها واجبةً في مسألة الزكاة في مال الصبي والمجنون لمساعدة من هم في حاجة.
مسارات للتعليم والتدريب المستدام في الشمال السوري
يواجه أكثر من 10.000 طفل من ذوي الإعاقات الجسدية تحديات تعليمية كبيرة. بما في ذلك الوصول إلى المدارس، والقيود المالية، وضرورة وجود مرافق لضمان سلامتهم، والزيادة الحادة في عدد الأشخاص المتضررين خلال الحرب. ويعيشون في مخيمات مؤقتة بعيدة عن المدارس، ويفتقرون إلى الدعم والموارد اللازمة لمواصلة دراستهم.
تعمل مسارات على تقديم التعليم عبر منصات إلكتروني وبشكل مجاني، تصل إليهم في منازلهم، وتقدم لهم التعليم والدعم النفسي والتقني، بغض النظر الظروف المكانية أو الزمانية.
كما تساعدهم على الخروج من عزلتهم الاجتماعية من خلال توفير بيئة تفاعلية آمنة لهم من خلال Microsoft Teams، حتى يتمكنوا من تلقي المعرفة من خلال التعليم المدرسي والأنشطة الطلابية والإرشاد الأكاديمي وبرامج التدريب المهني.
إن تبرعكم بزكاة مالكم هو صدقة جارية لك مدى الحياة وسيحدث فرقاً في مستقبل هؤلاء الطلاب، ومساهمتكم ستمكن هؤلاء الأفراد من استمرار الحصول على التعليم المجاني وفق الظروف التي تناسبهم، وبدعمكم نزرع بذور نجاحهم المستقبلي واندماجهم في المجتمع.