العمل عبادة على اختلاف أشكاله وألوانه وأنماطه؛ هناك من يلتزم بالعمل الوظيفي، وهناك من يحول أفكاره إلى عمل خاص.
فليس من آيات الله فينا التطابق المطلق، بل الاختلاف الذي يشكل هذا الكوكب، ويجعل لكل منا دوره ومكانه، وأفكاره وطموحه وسعيه الخاص، والأفكار الريادية لها دور في تلبية حاجات الأفراد بما يتناسب مع القيمة التي تقدمها للأشخاص.
في مقالنا هذا سنناقش ما هي الأفكار الريادية وطريقة توليدها، بالإضافة لشرح ماهية استراتيجية العصف الذهني.
ما هي الأفكار الريادية؟
الحاجة الماسة لشيء ما هي طريقك الأول للفكرة؛ تجدها وتذهب إلى ما هو أبعد، وتدرس جمهورك ومنافسيك، وتشكل فريقك المحارب معك، سوف تدرس تكلفتها الفنية والمالية، وتتوقع مخاطرها، وتفكر بالحلول مسبقاً، وتقدمها بأجمل شكل يدر عليك ربحاً وتقدم لجمهورك المنفعة.
أثناء حصار غزة وحصار الغوطة سابقاً، سمعنا الكثير عن أفكار رائدة فعلية لتوليد الطاقة والحفاظ على الموارد، والحلول الطبية والإنقاذ، فالحاجة للمقومات الأساسية جعلت الحلول متوفرة رغم ندرة المقومات والموارد، وهذا ما نطلق عليه الابتكار.
أهم النقاط عن الأفكار الريادية
- تتسم حياة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بالبداية بالمنافسة والعمل الشاق جداً.
- يحكم على بعض المبادرات للدخول في ذلك العالم بالفشل الذريع والانهيار قبل البداية، وكثيراً ما تتحطم طموحات رواد الأعمال على صخور المنافسة القوية في أسواق العمل.
- البقاء ليس للأكثر سيولة وأرصدة، بل للأكثر معرفة ومهارة، للأكثر صبراً وجلداً على الاستمرارية والثبات.
- تعد مهام رائد الأعمال صعبة؛ وذلك من خلال تأدية عمله بإتقان ومهارة.
طرق توليد الأفكار الريادية
- انطلاقاً من التخصص والمهارة والشيء الذي تتقنه، يمكنك توليد العديد من الأفكار، قدم موهبتك مغلفة بشكل أنيق، واصقل مهاراتك الناعمة والصلبة لتكون مصفف الشعر المميز، وكاتب المحتوى الأكثر إبداعاً، فجميع المهن والحرف والتخصصات هي أبواب لمشاريع خاصة بأصحابها المبدعين.
- البحث عن مشكلة لتكون أنت صاحب الحل السحري. يمكن أن تكون الخدمة غير متوفرة أو المنتج مفقوداً، أو حلول تختصر الوقت على من لا يمتلكه، وخدمات توفر الجهد لبعض العملاء الكسالى والذين هم هدفك الفعلي.
- ابدأ من حيث انتهى الآخرون، ولا تنسى أن المنافسة تسحق الضعفاء الذين لا يتعلمون من أخطاء الآخرين. فجميع المشاريع التي فشلت يوماً ما هي قصة نجاح بعالم موازٍ.
وبالحديث عن طرق توليد الأفكار، لن تستيقظ لتجد سلة هبطت من السماء وفيها أفكار ريادية جاهزة، عليك البدء الآن بالعصف الذهني على سبورة بيضاء لتحديد نقطة الانطلاق.
استراتيجية العصف الذهني
العصف الذهني هي التفكير وطرح كل ماهو متعلق بالمشكلة التي نبحث لها عن حل، أو التخصص الذي نريد أن ننطلق منه، أو المكان المراد استثماره.
والعصف ذهني أكثر فعالية، عليك أن تشارك فريق العمل أو حتى أشخاص ذوي صلة بالموضوع، حيثُ أن كتابة وتحليل كل ما يخطر على بالنا من أفكار يعزز ويحفز الوصول إلى الحلول الإبداعية.
استخدم الأسئلة التحليلية دون نقد الأفكار ومناهضتها، فقط اسأل واكتب: كم؟ من؟ ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ كن فضولياً كثيراً حيال أي فكرة علمية جديدة، أو مهارة لم تتعلمها من قبل، حيال أي تقنية ستساعد فكرتك.
وللواقع كلمة أخرى، وعالم الأعمال بالتحديد مليء بالمطبات؛ فالفكرة الإبداعية تثمر بالصبر، وتكبر وتستمر بالالتزام، ومواكبة أي تغيير في المجتمع ومعطيات العصر، ومتطلبات العملاء التي قد تصدمك بفترات وقفزات متقاربة.
وهنا يلزم عليك الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما هي فكرتي بالضبط ولمن أقدمها؟
- ما هي رؤيتي ورسالتي وهدفي؟
وهذه الأسئلة يمكنك الإجابة عنها بسهولة بعد دراسة الجدوى؛ لذا من هنا سنتحدث عن دراسة الجدوى والقيمة المضافة والتنافسية.
أنواع دراسة الجدوى
دراسة الجدوى التسويقية: ماذا ستقدمه وكيف ستقدمه وتسوق له.
دراسة الجدوى الفنية: كل التفاصيل الفنية والمعدات والأدوات والموارد البشرية اللازمة لتشغيل عملك.
دراسة الجدوى المالية: وتحسب من خلال تكلفة كل ماسبق.
دراسة الجدوى التسويقية
دراسة الجدوى التسويقية هي عملية تحليلية؛ تهدف إلى تقييم القابلية التسويقية لفكرة مشروع أو منتج أو خدمة مقترحة قبل بدء تنفيذها.
وتتضمن هذه الدراسة:
١- تحديد الفرص والتحديات في السوق المستهدف.
٢- تقدير الطلب المحتمل.
٣- تحليل المنافسة.
٤- تقييم استراتيجيات التسويق المحتملة.
كيف أبدأ دراسة الجدوى؟
للبدء في دراسة الجدوى، يجب أولاً تحديد هدف المشروع وتحديد الفكرة المقترحة بوضوح، ثم تُجمع البيانات اللازمة لتحليل السوق المستهدف واحتياجاته وتفضيلاته والعوامل المؤثرة في سلوك المستهلكين.
لماذا تعتبر دراسة الجدوى التسويقية عصب دراسات الجدوى الاقتصادية؟
لأنها تساعد في تحديد الطلب المحتمل، وفهم السوق وتحديد استراتيجيات التسويق التي يمكن أن تساهم في نجاح المشروع.
من هم رواد الأعمال؟
هم أشخاص لديهم الرؤية والطموح لتحويل الفكرة إلى مشروع يدر ربحاً، ولديهم العديد من المهارات لتمكينهم من ذلك.
متطلبات المشروع الريادي الناجح
- الفكرة الخلاقة وموائمتها للواقع واحتياج السوق. في بادئ الأمر وقبل الخوض بأي مهارات أو خبرات، يجب على رائد الأعمال أن يجد ضالته ويتمسك بشغفه تجاهها، يصنع من أجلها هدفه ورؤيته ورسالته ونشاطه.
- أن تتحول الفكرة لدراسة متكاملة من جميع أنواع الجدوى وأهمها هي التسويقية ثم الجدوى الاقتصادية والفنية وتحليل المخاطر التي قد تلم برحلة الانطلاق ثم التنفيذ.
أهم الأسئلة في الأفكار الريادية
- ماذا أقدم؟
- وكيف ولمن ولماذا ما أقدمه مميز ومنافس؟
إجابتك هذه ستقدم لك دراسة جدوى تسويقية أولية، وصورة أولية عن المشروع.
- جواب “ماذا” يحدد تماماً خدمتي أو منتجي أو سلعتي التي أقدمها للعميل، وتستطيع الإبحار والتفصيل بجوانب ما تقدمه كما تشاء.
- جواب: “أين” هو سوقك المستهدف، وهل تتوجه محلياً أم عالمياً في القرية أو المدينة، في المحلات أم المخازن، تصدير أم توزيع.
- “كيف” هو السؤال الأبرز والأكثر حساسية ويقودك إلى مربط فرس العميل، وكيف سيسمع الناس عن منتجي و يندهشون من جودته وسرعة استجابتك وبراعة التصميم.
قنوات اتصالك بالعميل ووصولك إليه هي شعرة معاوية بين الانتشار والانطلاق؛ بين مرحلة التحضير ومرحلة الانطلاق، بينما ينتظرك العميل بشغف وأن تعطيه أفضل مالديك وتعود له كل مرة باحتياجاته ومتطلباته وكأنك تسكن عقله.
- جوابك عن سؤال “لماذا” سيكون مسك الختام، وهنا تكمن قوتك!! قوة المشروع تكمن بتميزه؛ أي بماذا سوف يكون مشروعي مميز، وما هي القيمة المضافة التي أقدمها؟
محددات القيمة المضافة
- الجودة.
- السرعة.
- الوصول والاستجابة للعميل.
- التطوير والمرونة للتغير مع متطلبات السوق.
نهايةً نستطيع أن نقول عن ريادة الأعمال أنها تمثل رحلة شيقة ومليئة بالتحديات والفرص، حيث يقف رواد الأعمال أمام تحديات عديدة تتطلب الإبداع والمرونة.
من خلال الاستثمار في المهارات الريادية وتطبيق المبادئ القيادية، يمكن لرواد الأعمال تحويل أفكارهم إلى مشاريع مستدامة وناجحة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز الابتكار في المجتمع.
الكاتب: أ. إيمان الفرج مديرة العمليات في مبادرة مسارات