جيل جديد من القادة لا يكتفون بالشكوى، بل يسعون إلى ابتكار حلول جذرية للمشكلات المجتمعية الذين يجمعون بين حسّهم الإنساني ومهاراتهم الريادية لأجل مجتمعٍ نهضويٍّ ناجح.
لأننا لا يكفي أن نتحدث عن المشكلات الاجتماعية فقط، إنما العمل على حلها وهذا ما تفعله ريادة الأعمال المجتمعية، من خلال روّاد لا يكتفون بالأقوال و يترجمون أفكارهم إلى أفعال، ويسعون إلى إحداث تأثير ملموس في حياة الناس والمجتمع.
الريادة المجتمعية هي فكرة ظهرت لاقتلاع مشكلة مجتمعية من جذورها أثرت بشكل سلبي على الأفراد. في هذا المقال من مسارات أسهبنا بالحديث عن الريادة المجتمعية ودورها مع ذكر أفكار عديدة لا تُحصى من المشاريع المجتمعية لتمثيل مشاكل تعاني منها الشعوب المتضررة.
ما هي ريادة الأعمال المجتمعية؟
تنبني ريادة الأعمال المجتمعية على اختيار قضية مجتمعية مُلحة وعلاجها بتحويلها لمشروع ريادي قادر على تقديم حل لها بطرق قابلة للتطبيق والقياس.
إذن هي حل ابتكاري لمشكلة اجتماعية ما، نتج من أشخاص لديهم أفكار إبداعية وحس عالٍ بالمسؤولية الاجتماعية بهدف غير مادي، بعد أن كشفوا الغطاء عن مشكلة مجتمعية متأصلة أدت لظهور تبعات مؤذية لها، بالبحث عن أسبابها وسبل علاجها وإعلانها في نهاية المطاف كمشروع ريادي مجتمعي يواجه التحديات بحلول غير تقليدية تغيّر من مجرى المشكلة.
ما هي أهداف الريادة المجتمعية؟
-
- إيجاد حلول للقضايا الاجتماعية والبيئية: ويعني البحث الدائم عن مشكلات اجتماعية كقضايا التعليم والفقر أو ما يخص البيئة، والبدء على حلّها من خلال مشروع ريادي غير مادي بمبدأ أساسي وهو علاج القضية المجتمعية.
- التنمية المستدامة: تنطلق المشاريع الريادية من فكرة تحقيق الاستدامة بإيجاد حلول قابلة للتطبيق على المدى الطويل مع التركيز على الاستقلالية فيما بعد، بالدعم المقدم لمبادرة مسارات استطاعت أن تحقق الاستدامة في مشروعها في دعم التعليم وتوسيع نطاق الفئات المستفيدة.
- العدالة الاجتماعية: تسعى الريادة المجتمعية إلى ترميم الفجوة بين الفئات الاجتماعية المختلفة لتحقيق المساواة والعدالة.
- تشجيع المشاركة المجتمعية: تعمل العديد من المشاريع الاجتماعية على إشراك أفراد المجتمع في حل المشاكل المستعصية وتنمية المجتمع بالمبادرة والعطاء.
ما الفرق بين ريادة الأعمال المجتمعية والأعمال التجارية؟
إن بدأنا من الفروق الجوهرية بالأهداف، فهي تختلف بأن الأعمال المجتمعية تركز على إيجاد حل ابتكاري لمشكلة اجتماعية مع تحقيق عائد مالي يدعم استدامة المشروع فقط، بينما الأعمال التجارية هدفها الأساسي هو در الأرباح وزيادة العائد على الاستثمار.
أيضاً هناك فرقاً واضحاً بقياس النتائج وهو أن المشاريع الريادية المجتمعية تناقش وتقيس النتائج التي تركت أثراً اجتماعياً أو بيئياً محققاً مثل دعم التعليم أو تقليل التلوث، بينما الأعمال التجارية تركز على المؤشرات المالية ونتائجها في حصة السوق ومعدلات النمو وزيادة الأرباح.
فروقات بنماذج العمل ونعني بذلك أن الأعمال المجتمعية تصمم نماذج أعمالها لحل مشكلات مجتمعية أو بيئية، مع التركيز على تقديم قيمة للمستفيدين والمجتمع ككل، أما الأعمال التجارية فهي بطبيعة الحال تركز على تلبية احتياجات العملاء الذين يدفعون مقابل المنتجات أو الخدمات المقدمة، بهدف زيادة الإيرادات والأرباح.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نشير إلى الفرق في هدف التمويل والاستثمار، ريادة الأعمال المجتمعية قد تعتمد على مزيج من التمويل الذاتي والتبرعات أو الاستثمارات التي تهتم بالأثر الاجتماعي، بينما الأعمال التجارية تعتمد غالباً على الاستثمارات الخاصة أو القروض البنكية أو التمويل من خلال بيع الأسهم، مع التركيز على العوائد المالية للمستثمرين.
ونعود إلى فكرة الابتكار للحديث عن المخاطرة التي تحملها الحلول وقد تكون جديدة في المجتمع، فإن ريادة الأعمال المجتمعية تتطلب ابتكار حلول جديدة للتحديات المجتمعية، مع تحمل مخاطر مرتبطة بتطبيق هذه الحلول في مجتمعات مختلفة.
أما الأعمال التجارية، فهي تركز على الابتكار أو إضافة ميزة تنافسية في المنتجات أو الخدمات لزيادة التنافسية والربحية، مع تحمل مخاطر السوق والتمويل.
نصائح للنجاح في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية
- اختيار مشكلة مجتمعية تستطيع تطبيق حلول واقعية لها مع إمكانية قياس النتائج، بمعنى أن هناك مشاكل قد لا تكون ضمن دائرة سيطرتك أو أن الحل لا يتوافق مع مجتمع المنطقة أو أن مواردك لا تخدم المشكلة بمختلف الجوانب، وبالتالي ستواجه صعوبة في تنفيذ الحل.
- التركيز على الأثر الاجتماعي والربحية معاً، تحدثنا آنفاً أن ريادة الأعمال الاجتماعية تهدف إلى إجراء تأثير إيجابي من خلال تبني قضية ملحة وحلّها، لكن من المهم أيضاً ضمان استدامة المشروع مالياً، لذا اعمل على تطوير نموذج عمل يوازن بين الأثر الاجتماعي والربحية لضمان استمرار المشروع، مبادرة مسارات تمثل تجربة ناجحة في تحقيق هذا التوازن، حيث استطاعت تقديم التعليم المجاني والمدعوم للطلاب بفضل شراكاتها ودعم المجتمع.
- فريق عمل ذو كفاءة وخبرات يُسعف المشكلة المجتمعية، فالفريق القوي هو دعامة لتحقيق أهداف المشروع مع ضرورة الاستثمار في إمكاناتهم وتدريبهم باستمرار، في مسارات هناك فريق من المتطوعين والعاملين الأكفاء الذين ساهموا بتطوير المشروع وزيادة أثره المجتمعي.
- وضع خطة عمل واضحة، فهي خارطة طريق ينتهي بالإنجاز، فلا يمكن البدء بدون خطة شاملة توضح الرؤية والأهداف والاستراتيجيات المتبعة مع تبيان التحديات المحتملة لمواجهتها بحكمة.
أمثلة على مشاريع الريادة المجتمعية
أفكار مشاريع الريادة المجتمعية كثير لا تُحدُّ في فقرة، لكن سنذكر أفكار لمشاكل مجتمعية منتشرة:
- منصات تعليمية عبر الإنترنت: إنشاء منصة تقدم دروساً تعليمية مجانية أو مدفوعة بأسعار معقولة للطلاب في المناطق النائية أو المحرومة، مسارات كانت من المشاريع الريادية في هذا المجال حيث دعمت الأفراد بالتعليم عن بُعد وإكمال تعليمهم المدرسي، وبينت أثر الاستثمار في التعليم في تحقيق السلام المجتمعي.
- برامج التوعية البيئية في المدارس: تطوير ورش عمل ومناهج تعليمية تُدرَّس في المدارس لزيادة وعي الطلاب بأهمية الحفاظ على البيئة وتشجيعهم على تبني ممارسات صديقة للبيئة.
- تطبيقات لمشاركة الموارد: إنشاء تطبيقات أو منصات تسهل تبادل أو استعارة الأدوات والموارد بين الأفراد في المجتمع.
-
- مراكز تدريب مهني للشباب: تأسيس مراكز تقدم تدريبات مهنية للشباب في مجالات مثل الحرف اليدوية، ومهارات العمل عن بعد مثل التصميم الجرافيكي أو كتابة المحتوى أو البرمجة، أو في مجالات الزراعة المستدامة، لتمكينهم من اكتساب مهارات تحسّن فرصهم الوظيفية.
- مشاريع الطاقة المتجددة المجتمعية: تطوير مبادرات لتوليد الطاقة من مصادر متجددة مثل الشمس أو الرياح، وتوزيعها على المجتمعات المحلية بأسعار مقبولة أو مجاناً.
- تمويل المشاريع الصغيرة: إنشاء صندوق يقدم قروضاً صغيرة للشباب العاطلين عن العمل، لمساعدتهم في بدء مشاريعهم الخاصة.
- برامج دمج الخريجين في العملية الإنتاجية: تقديم تدريبات متخصصة ومتقدمة للشباب الخريجين من الجامعات والمعاهد في مجالات من الذين لم يحصلوا على فرص عمل.
- برامج التدريب المهني للنساء: تطوير برامج تدريبية في مجالات مثل الحرف اليدوية كـالخياطة وحياكة الصوف أو التكنولوجيا ومهارات العمل عن بعد وغيرها، لتمكين النساء من اكتساب مهارات جديدة تزيد من فرصهن في سوق العمل.
- منصات للتعليم المهني عبر الإنترنت: إنشاء منصة تقدم دورات تدريبية في مجالات مهنية متنوعة، مع التركيز على الفئات المحرومة أو المناطق النائية.
- مراكز دعم الصحة النفسية المجتمعية: تأسيس مراكز تقدم خدمات استشارية ودعم نفسي للأفراد الذين يواجهون تحديات نفسية أو اجتماعية مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجاً.
- برامج إعادة تأهيل المعتقلين السابقين: تطوير برامج تدريبية وتوظيفية لمساعدة المعتقلين السابقين على الاندماج في المجتمع والحصول على فرص عمل.
مسارات للتنمية والتعليم المستدام في سوريا
مسارات بادرت بإيجاد حل لمشكلة مجتمعية عانت منها فئة من المجتمع وهي مشكلة التعليم، بعد انقطاع أعداد كبيرة عن التعليم بسبب ظروف المرحلة السابقة في سوريا من نزوح وتشرد وفقر أدت لتغيير مسار آلاف الطلاب وحيادهم عن التعليم.
انطلقنا من فكرة التعليم الرقمي وهو تقديم التعليم ونشر المعرفة عن بُعد من خلال منصات إلكترونية، للطلاب من الشهادة الإعدادية والثانوية بالإضافة لمسارات أخرى مثل الإرشاد الأكاديمي الذي أُسس لإرشاد الأفراد لاختيار تخصصهم الجامعي بما يتناسب مع قدراتهم لضمان مسار حياتي صحيح، كما أننا سنقدم من خلال منصتنا تدريبات مهنية تساعد الشباب في الحصول على فرص عمل أفضل.
بالإحسان والعمل الخيري بدأنا ولا زلنا بدعم المساهمين السخيّ استطعنا أن ننشر المعرفة في أرجاء سوريا وإعادة آلاف الطلاب إلى خط العلم والعمل والنهضة.