يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى جبل عرفات، يقفون عليه من قبل الظهر حتى غروب الشمس، يسألون الله سبحانه وتعالى رحمته و مغفرته، يبتهلون، ويهللون، ويكبرون، ولا يبرحون حتى تمتلءُ قلوبهم بالسكينة.
ومن أعظم القُرُبات التي يُستحب اغتنامها فيه: الصدقة في يوم عرفة لأنها من أفضل الصدقات في عشر ذي الحجة، فهي ليست كبقية الأيام، إذ تتضاعف فيها الأجور وتُكتب في صحائف العبد زادًا ليومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون.
وقد قال أهل العلم إن من اجتمع له في هذا اليوم: صيام، وذكر، وصدقة، ودعاء، فقد نال الخير كله بإذن الله. فكيف لا نُسارع إلى هذا الفضل، ونُفرّج كُربة محتاج، أو نُسعد يتيمًا، أو نُطعم جائعًا، ونحن نرجو عفوًا يَغسل الذنوب ويُبدّل السيئات حسنات؟
حكم صدقة يوم عرفة كأفضل الصدقات في عشر ذي الحجة
عن حكم الصدقة يوم عرفة، فهي من الأعمال المستحبة عند الله تعالى، لما للصدقة تأثير عجيب على المتصدق في الدنيا والآخرة فهي تكفر ذنوبه وتمحو خطاياه، وفيها رفع درجاتٍ وعظيم حسنات، وغير ذلك فإن فيها دفع للبلاء ومداواة للأمراض، وغيرها الكثير من الفوائد، التي ينالها الإنسان مضاعفةً يوم عرفة، حيث أن فضل الطاعات فيه يتضاعف ويكون أكثر منه في غيره.
فضل صدقة يوم عرفة
العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل أيام الدهر، هي أحب الأيام إلى الله تعالى، توازي في ذلك ليالي العشر الأواخر من رمضان، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر..) رواه الترمذي
أما ملك هذه الأيام فهو يوم عرفة، أفضلها وأعظمها، الأعمال فيه مضاعفة الأجر والثواب، ولا بدَّ أن فضل الصدقة في يوم عرفة عظيم وأفضل الصدقات في عشر ذي الحجة، لما للصدقة من أهمية ومركزية في ديننا، فهي لا ترتبط بموسم، إنما ترافقنا طول العام لما فيها من بركة، وهي وسيلة من أهم وسائل التقرب إلى الله تبارك وتعالى في هذا اليوم.
وجوه الإنفاق في يوم عرفة
ودر في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: “ما من عبدٍ يتصدق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا تقبَّلها الله بيمينه، فيُربيها لصاحبها كما يُرَبِّي أحدُكم فلُوَّه أو فصيله حتى يكون أعظم من الجبل”
من خلال الهدي النبوي في الحديث، نفهم أن وجوه الإنفاق في يوم عرفة، وفي غيره كثيرة جداً، غير محددة بمقدار أو وقت، بل كل ما تجود به نفس المتصدق خير وبركة، وربما دفع بها عن المستفيد جوعاً أو عطشاً، أو يسَّر له عسيراً يعطله منذ فترة، ولكن الصدقات الجارية هي الصدقات ذات الأثر الممتد الذي لا ينقطع إلى يوم القيامة.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها : “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له”.
هل يمكن التبرع بصدقات عشر ذي الحجة في يوم عرفة لبلد آخر؟
بحسب موقع الإمام ابن باز رحمه الله فإنه لا مانع من نقل الزكاة إلى بلاد أخرى، تكون الحاجة فيها شديدة، أو الأوضاع فيها سيئة، أوغير ذلك، وإن كان فقراء بلد المعطي أولى، ولكن لا حرج في ذلك.
وعليه فإنه لا حرج من إرسال الصدقات يوم عرفة للأماكن الأكثر احتياجاً، علّه يكون فيها سدُّ ثغرٍ كبير يعاني منه المستحقين هناك.
التبرع بصدقات يوم عرفة لدعم الطلاب في سوريا
يقبل علينا يوم عرفة هذه السنة و أهلنا في الشمال السوري، مازالوا يعانون منذ سنوات طويلة، وكأي أزمة تمر على المجتمعات، تكون فئة الطلاب من أكثر الفئات المتضررة حيث تسبب النزاعات تدمير للبنى التحتية التعليمية، وهذا الوضع تسبب بخروج نحو 2,5 مليون طفل من إطار التّعليم في الشمال السوري، حسب ما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
في يوم عظيم كـيوم عرفة، تفتح مبادرة مسارات أبواب الخير لكل من يسعى لصدقةٍ جاريةٍ تُنير دروب الدنيا والآخرة، من خلال مشاريعها التعليمية النوعية، تسعى المبادرة إلى دعم الطلاب المنقطعين عن الدراسة في الشمال السوري، عبر برامج متكاملة تشمل الكفالات التعليمية، والأنشطة الطلابية، و الإرشاد الأكاديمي والتدريب المهني، في سبيل بناء طالب متمكّن علمياً وإنسانياً.
وفي هذه الأيام المباركة، لا أجمل من أن تجعل صدقتك سبباً في إشعال شعلة العلم في قلب يتيم، فالتعليم ليس فقط أداة للتحصيل، إنما الوسيلة للتحرر من الحاجة ومنصة لاستعادة الكرامة والاكتفاء.
حملة تعليم يتيم
حملة تعليم اليتيم تمنح يتيماً حُرم من أبسط حقوقه فرصة جديدة، وتكون أنت أول من يفتح له باباً نحو مستقبل ناهض.
اجعل من صدقتك في يوم عرفة بصمة خالدة وامنحها للعلم والتعليم، اكفل تعليم يتيم في عشرة ذي الحجة لتكن يدك يد العطاء التي تصنع الفرق وتكتب الأجر الممتد في الدنيا والآخرة.
حملة تعليم يتيم من مبادرة مسارات رؤية متكاملة تستهدف بناء الإنسان من جذوره وتغيير واقعه عبر العلم والمعرفة، الحملة تُعنى بتمكين الأطفال الأيتام في مخيمات الشمال السوري من حقهم في التعليم، من خلال تقديم برنامج تعليمي شامل يضم:
-
دروساً مباشرة ومسجلة تشمل 12 مادة دراسية أساسية.
-
جلسات إرشاد أكاديمي ودعم نفسي لتعزيز ثقة الطفل بنفسه.
-
أنشطة طلابية تفاعلية تعزز مهارات التواصل والإبداع.
-
توفير الإنترنت والأجهزة الذكية للفئات الأكثر حاجة، لضمان وصول التعليم إلى كل طفل مهما كان موقعه.
بقيمة 20 دولاراً فقط، تكفل شهراً كاملاً من التعليم لطفل يتيم، وبـ180 دولاراً تضمن له عاماً دراسياً كاملاً مليئاً بالفرص والآمال.
منذ عام 2019، استفاد من مبادرة مسارات أكثر من 42,000 طالب وطالبة، واليوم هناك مئات الأيتام بانتظار من يمدّ لهم يد العون قبل أن تُطفئ شرارة الأمل في قلوبهم الصغيرة.
في هذه الأيام العشر المباركة، وخصوصاً يوم عرفة اجعل صدقتك طريقاً لنهضة طفل وسبيلاً لأجر لا ينقطع.
كيف يصنع التعليم فرقًا في حياة اليتيم؟
قد لا ترى نتائج عطائك فوراً، لكننا نراها كل يوم تنمو في عيون الأطفال الذين يتشبثون بأحلامهم من جديد..
في مجتمعات هشّة فقدت الكثير، كان التعليم بالنسبة لليتيم حلماً مؤجلاً، ومع انطلاقة مبادرة مسارات بفضل الله تغيّر هذا الواقع، فمن خلال برامج متكاملة تعتمد على التعليم عن بعد والدعم النفسي والمتابعة التربوية، أعدنا وصل الفرد بمقاعد الدراسة، وربطناه بأملٍ كان بعيد المنال.
لم يكن الوصول إلى أكثر من 42,000 طالب مجرد إنجاز رقمي، كان بناءً حقيقياً لجيل يتجاوز المحنة بالعلم والتمكين.
تخيل أن مساهمتك اليوم هي ما منح طفلاً كتاباً بدلاً من العمل الشاق، وقلماً بدلاً من التشرد، تبرعك هو ما جعله ينهض صباحاً بشغف لا بحزن.
هذا هو الفرق الذي تصنعه يدك… أثر لا يُقاس بالمال، بل بالتغيير الحقيقي في حياة إنسان.
شروط قبول الصدقة في يوم عرفة
لا بدَّ أن نتوقف عند سؤال ماهي شروط الصدقة، لتكون بإذن الله مقبولة نافعة:
- النية الصادقة الخالصة لله تعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنما الأعمال بالنيات “.
- أن يكون مال الصدقة حلال طيب، فالله طيب لا يقبل إلا طيبا.
- السرور والاستبشار بعظيم الأجر والمثوبة، عند تقديمها للمستفيد
- احترام كرامة المستفيد وإنسانيته.
- الإسرار بها وعدم الجهر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” صدقة السرِّ تطفئ غضب الربِّ “
ختامًا، تبقى صدقة يوم عرفة كأفضل الصدقات في عشر ذي الحجة باباً مفتوحاً للأجر المضاعف، وفرصة عظيمة لتجديد النية والتقرب إلى الله، فاستثمر هذا اليوم الفضيل بما يليق بقدره وعظمته.