في زاوية صغيرة من غرفة دراسية بسيطة يجلس طالب طموح بهمّة عالية وحلم كبير ولكن احتياجاته الدراسية ونفقاته التي أثقلت كاهله؛ تقف عائقاً يحول بينه وبين المستقبل الذي يطمح بالوصول إليه.
عندما تتوفر الإمكانات ولا يفكّر طالب العلم إلا بالعلم ولا يشغل باله سوى التعلّم، سيكون الأثر مضاعفاً والنتيجة مستدامة كالبذرة التي تُزرع في أرض خاوية ثم تخضّر كلها بعد حين لتطعم أهل الأرض وعابري السبيل.
نعمل في مبادرة مسارات على كفالة طالب العلم ونسعى جاهدين لمنح حق التعلم لكل متعلّم حُرم منه، وذلك يكون عبر مختلف الوسائل الأكاديمية والمؤسساتية والاحترافية ولكافة المراحل.
في هذا المقال سنتكلم عن كفالة طالب العلم وما لها من فضائل وآثار حسنة في الدنيا والآخرة كما سنعرّج أيضاً على بعض المبادرات والمشاريع التي تقوم عليها “مسارات” لدعم التعليم عامّة وطلبة العلم خاصّة.
ما هي كفالة طالب العلم؟
كفالة طالب العلم هي إعانته على مواصلة طلب العلم عبر تقديم المساعدة التي غالباً ما تتمثل في كفالة شهرية يحصل عليها سواءً كمبلغ مباشر أو مواد عينية تكون عوناً له على المضي قدماً في طريق التعلّم والارتقاء.
مع التنويه بأن هذه الكفالة تُقدّم لطلبة العلم الذين لا يستطيعون متابعة تعليمهم لعدم توفّر الإمكانيات التي تمكّنهم من مواصلة طريقهم في طلب العلم.
لذا نعمل في مسارات ضمن حملة “قطرة” على توفير الدعم اللازم للساعين في طريق العلم ليتمكنوا من متابعة طلب العلم والبناء المعرفي الذي يؤسس لإنسان ممكن ومجتمع سليم واعد.
فضل كفالة طالب العلم
تعود فضائل كفالة طالب العلم على صاحبها بالأجر العظيم في الدنيا والآخرة، فالعلم من أسمى العبادات وأعظمها في الإسلام، وفي ذلك الإمام سفيان الثوري: “لا أعلم من العبادة شيئًا أفضل من أن يعلّم الناس العلم” لذا كانت كفالة طالب العلم من أعظم الأعمال التي يمكن للإنسان أن يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، فهي تيسر له مواصلة تعليمه، وتمنحه الفرصة لتفرغٍ علميٍ كامل دون أن يعكر صفوه القلق من الأمور المالية.
مع الأجر الذي يناله الكافل للمتعلمين فإن هناك محاسن كثيرة تعود على المجتمع وذلك عندما يصبح المتعلّم في المستقبل شخصًا مؤثرًا في مجاله، ومن ثم يعود نفع علمه على المجتمع بأسره.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من دلَّ على خير، فله أجر فاعله”، فكيف بمن يكفل طالب العلم؟ وأيضًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، وكفالة طالب العلم تُعدُّ من أسمى صور الشكر التي يُقدّمها الإنسان للعلم وأهله.
وقد أمرنا الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، فقال: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وكفالة طالب العلم تعدُّ من أبرز مظاهر التعاون على البر والتقوى، فالطالب المتعلم اليوم هو قائد الأمة إلى الخير غدًا، ويُعدّ نفعه لامتنا مستدامًا على مر الزمان.
حديث عن مساعدة طالب العلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: “من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة”، وهذا لكل إنسان يلتمس هذا الطريق، فماذا لو ساهمنا بتيسير طريق العلم لطلابه؟
كل نجاح يحققه هذا الطالب وكل معرفة يكتسبها ويشاركها مع الآخرين تكون جزءاً من الأثر الإيجابي الذي يُكتب في ميزان من ساعده، ويتمثل أجر الكافل في أن الطالب يسلك طريقه يتعلّم فيه ويُعلّم غيره طيلة حياته، إن أخلص النية في طلب العلم، ويعني أن أجر الكفالة جارٍ وممتد وهذا لأن طالب العلم يستمر في نفع غيره بعلمه.
كما أن مساعدة طالب العلم يجب أن تكون أولى اهتماماتنا لبناء مجتمع واعٍ ومتعلم، لأننا بذلك نساهم في سد احتياجات هذه الأمة من خلال توفير سبل التعلم في شتى المجالات، خاصةً من يعيشون في أوضاع قاهرة لا تسمح لهم بإكمال مسارهم التعليمي، من يعيش في مدن النزاعات أو القرى النائية، وأيضاً لمن يكون معيلاً لأهله فهو لا يستطيع إتمام دراسته ولا يستطيع ترك عمله.
محمد من طلبة العلم وذوي الهمم أبصَر نجاحه واقعاً بفضل دعمكم
إحدى القصص الملهمة التي رافقتنا في مبادرة مسارات في حملاتنا للتبرع لتوفير مسار التعليم الدراسي للطلاب، هي قصة الطالب محمد زنهر، وهو شاب سوري يجسد معنى الإصرار والمثابرة، بعد تجاوزه تحديات كبيرة لتحقيق حلمه.
رغم الموانع التي اعترضت طريقه في البداية لكونه من ذوي الهمم لكن الإرادة كانت أقوى واستطاع أن يواجه صعوباته وبادر في الانضمام إلى مبادرة مسارات التي قدمت له الدعم التعليمي اللازم ليواصل مسيرته التعليمية ويحقق النجاح في إحدى مراحله الدراسية.
قصة محمد هي واحدة من القصص الملهمة التي كانت مبادرة مسارات جزءاً مساهماً في صناعتها ونقلت لنا صورة تمثل كسر الحواجز وتذليل الصعاب.
يمكنك أن تكون مساهماً لدعم محمد ومن تشبه قصصهم قصصه عبر حملة قطرة التي تستقطع شهرياً 10 دولارات لتوفر تعليم مجاني لطلبة العلم المحتاجين وتساعدهم على الوصول إلى حياة أفضل وتبقى صدقة جارية لك إلى يوم القيامة.
تبرع بصدقة جارية يستمر أجرها بعد الموت بمبلغ بسيط شهرياً
الصدقة الجارية هي من الأعمال الثلاثة التي لا تنقطع حتى بعد الممات عندما ذكرها لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” (رواه مسلم)
وهذا ما ركزنا عليه في حملة “قطرة” ضمن مبادرة مسارات من خلال الاستقطاع الشهري بمبلغ صغير يتوجه إلى دعم البيئة التعليمية في الشمال السوري، ودعم الطلاب لإكمال مسارهم التعليمي بما يحتاجونه.
ستشاهد بعينيك أثر صدقتك في تغيير مستقبل إنسان يمكن أن يكون ممن يبنون هذه الأمة، حملتنا تجسّد المعنى الذي يوضح أن تبرعك سيكون قطرة في نهرٍ جارٍ لا ينضب من الخير كالبحيرة التي تردفها الأنهار من كل جانب.
مسارات للتنمية والتعليم المستدام في سوريا
انطلاقة مبادرة مسارات تأسست منذ البداية على تمكين الأفراد بتعليمٍ مستدام يوسّع آفاق معارفهم ويمدهم بشراكات على مستوى الوطن العربي، إذ تقدم مسارات تعليمية وإرشادية ومهنية، وأيضاً مسار التعليم المدرسي الذي يشرح المقررات الدراسية للطلاب في سوريا أو في دول اللجوء.
يُقدّم المسار للطالب من خلال كفالة طالب العلم عن طريق التبرع الإلكتروني لحملة “قطرة” بالاستقطاع الشهري، والمساهمة تبدأ من مبلغ 10$ شهرياً، توفّر هذه المسارات فرصة التعلم لمئات الطلاب المحرومين من التعليم.
يمكنك المشاركة في الخير بالتبرع الآن لحملة “قطرة” عبر موقعنا الإلكتروني لتكون سبباً في تحويل مسار المستقبل لطالب العلم.