مع مرور الوقت في عالم كتابة المحتوى، يظهر لك أن للقب “كاتب المحتوى” مغزى يتعدى الحروف والكلمات، فهو يحمل في جوانبه عوالم لا يدركها إلا القليلون.
فالسرّ الحقيقي للتميز في هذه المهنة يتجلى في قدرتك الفريدة على انتقاء الأفكار بحكمة، وفي الرؤية المميزة التي تضيفها إلى تحليلك للمعلومات.هذين العنصرين يشكلان الدافع الخفي الذي يكمن خلف بريق محتواك، حيث يتجلى إبداعك في تصوير الأفكار وتحويلها إلى صيغ فريدة في أي شكل من أشكال المحتوى.
تأثير مهنة كتابة المحتوى على الجانب النفسي
على الرّغم من أنّ عيني العامّة ترى الكتابة، وصناعة المحتوى على أنّها عمل مليء بالإبداع، إلّا أنّ هناك عالماً خفياً يعيش داخل كل كاتب محتوى!
فمهمة كاتب المحتوى ليست مجرّد ترتيب أفكار وكلمات، بل هي رحلة عميقة في أعماق الذات تتخللها مشاعر التحدي والارتياح، الإلهام والشك، حيث أنّ التفكير المتواصل في كيفية تقديم المحتوى الذي يلامس الآخرين يُمكن أن يؤدي إلى ضغوطات داخلية تتسلل إلى العقل، وتثير الشكوك والقلق. لكن في الوقت ذاته؛ تأتي قوة الإلهام والإشباع العميق عندما يشعر الكاتب بأنّ كلماته قد بدأت تصل إلى قلب جمهوره.
لذا فإنّ إدراك الصعوبات النفسية المحتملة في هذا المجال يجعلنا نقدر أكثر النجاحات والتأثير الإيجابي الذي يمكن أن نحققه في عالمنا الافتراضي.
رحلة كتابة المحتوى
كتابة المحتوى هي رحلة إبداعية تتطلب الدقة، البصيرة، ومهارة التعبير عن الأفكار بوضوح وفعالية. في هذا المسار، يسعى كُتّاب المحتوى إلى تحويل الأفكار المجردة إلى نصوص تتردد صداها مع الجمهور، مما يتطلب توازناً بين الأصالة والالتزام بمعايير الجودة والدقة. ومع ذلك، فإن هذه العملية ليست خالية من التحديات.
تحديات تختبئ خلف كلمات كاتب المحتوى
متلازمة الصفحة البيضاء
يواجه كاتب المحتوى أحياناً فترات يسود فيها الهدوء الإبداعي، وتختفي الكلمات من ذهنه كالرمال الزمنية! وفي ظلّ هذه المشكلة، يجد الكاتب نفسه في دوامة من التفكير والبحث عن الأفكار المناسبة، فتبدو الصفحة أمامه بيضاء كاللوحة الفارغة. هذه التحديات النفسية لا يشهدها العالم الخارجي، ولكنّها تؤثر بشكل كبير على تجربته الإبداعية.
لذلك، يمكن لكاتب المحتوى اعتماد بعض النصائح البسيطة لتجاوز هذه المشكلة:
- ابدأ بالتحدث مع زملائك في العمل حول الموضوع بشكل عام، هذا سيساعدك في توضيح أفكارك وجمع المعلومات. استغل الفرص وسجل ملاحظاتك فوراً
- احرص على تسجيل كل فكرة “صغيرة كانت”، حتى ولو بدت لك غير مهمة في الوقت الحالي، ولكن مع مرور الوقت قد تكتشف أنّها كنز في مفكرتك، كمن عثر على مصباح علاء الدين.
- اقرأ تلك الأفكار التي دونتها مرة أُخرى بتأنٍ وتمعن، حدد الفقرات التي يمكنك العمل عليها، وابدأ في محاكاتها، حينها سترى قلمك يجري على الورقة دون وعي منك. استغل تلك اللحظة، ولكن أحرص على ترك النص بعدها يختمر فترة، ثم قم بمراجعته مرّة ثانية لضمان جودته وتحسينه بشكل كامل.
الضغوط النفسية
كيف تؤثر كلمة “Deadline” على كاتب المحتوى؟ لا شكّ أنّ كلمة “موعد التسليم” تثير فيك القليل من القلق، خاصة إذا كنت مبتدئاً في ميدانك، فالضغط ينبع في تلك اللحظة نتيجة الخوف من الفشل، رهبة فقدان مشروع، وحتى الشعور بأنّ المحتوى الذي تكتبه ليس كما تحلم يمكن أن يكون تحدياً حقيقياً لك!
وهنا ندرك أنّ الضغط النفسي لكاتب المحتوى ينتج من عدة عوامل، بما في ذلك الضغط الخارجي الذي يأتي من بيئة العمل والمهام الموكلة إليك، بالإضافة إلى الضغط الداخلي الذي ينشأ من مخاوف شخصية والخوف من عدم الوصول إلى المستوى المطلوب.
لتفكر في الكلام السابق لحظة، ألا يمكن أن نحول هذا الضغط إلى فرصة للنمو والتحسن؟! بالطبع، ربما يكمن في هذه التحديات فرصة لخلق شيء رائع، حتى وإن كان المحتوى ليس مثالياً في نهاية المطاف.
لذلك، دعني أشاركك بعض الإرشادات التي قد تُلقي الضوء على طريقك:
- اجعل الكتابة رحلة مليئة بالمتعة: اكتب من أجل اشباع فضولك، واستمتع باللحظة كما لو أنّك تكتب لنفسك بعيداً عن أعين المتتبعين.
- تذكر دائماً أن تتأقلم مع تحديات الأمور الخارجة عن سيطرتك، وأن تركز على الحلول في الأمور التي تسيطر عليها.
- احذر من الاندفاع الإدراكي، ولا تكن مثل ذلك الصديق الذي يغرق في تفاصيل قصة لا نهاية لها! احرص على تحرير عقلك من التفكير الزائد في المهمة، وقم بتفريغ المعلومات بانتظام.
- من أهم الأشياء التي يجب أن تنتبه لها ككاتب محتوى ألّا تقع في فخ منطقة الانغماس النفسي “القلق، التوتر، الاكتئاب“، أراك تتساءل كيف يمكن أن تصاب بذلك من مجرد وظيفة تعمل بها! سأوضح لك الأمر لا تتعجل.
إنّ أعمارنا تضيع أمامنا ونحن أسرى لدى هواتفنا وحواسيبنا المحمولة، نقضي ساعات طوال في البحث والقراءة عن أفكار تساعدنا بالوصول إلى مرحلة بدأ الكتابة، ولذلك من المستحيل أّلا يؤثر هذا على طبيعة جسدنا البيولوجية!
هنا ندرك أنّ قول الجدّات سابقاً “في الحركة بركة” لم يذهب سدى؛ فالقليل من النشاط البدني يمكن أن يحدث فارقاً في مزاجك وأفكارك، تحدى نفسك دائماً للخروج والتمتع بالحياة خارج جدران العمل، امنح نفسك وقتاً كافياً للممارسة هواياتك المفضلة، وتفريغ عقلك، فإيجاد نشاط اجتماعي يفصلك عن العمل يعزز انتاجيتك، يجعلك أكثر توازناً، ويهبك مرونة نفسية.
والآن، دعني استمع إلى حكمتك وخبرتك! ما هي تلك النصيحة الثمينة التي ترغب في مشاركتها لكتّاب المحتوى؟!
تقى عيد – متطوعة في مبادرة مسارات
شاهد أيضاً: