مبادرة مسارات

استراتيجيات التعلم الفعّال: دليل الطالب لتحقيق النجاح الأكاديمي
29 فبراير، 2024
محتوى المقال

في عالم يتسم بالتغير المستمر والتحديات المتزايدة، يبرز السؤال الأساسي: كيف يمكن للطلاب تحسين فهمهم واستيعابهم للمعرفة بطريقة فعّالة؟ في هذا المقال، سنقدم لك دليلًا شاملًا حول استراتيجيات التعلم الفعّال التي لا غنى عنها لكل طالب يسعى إلى النجاح الأكاديمي والشخصي. سواء كنت تكافح للحفاظ على دوافعك، تبحث عن طرق لتعزيز تركيزك، أو تسعى لتحسين استراتيجيات الاستذكار لديك، فإن هذا الدليل يعد بمثابة بوصلتك نحو تحقيق أقصى استفادة من وقت الدراسة. استعد لتغيير طريقتك في التعلم واستعد لرحلة تعليمية تجعلك تحقق أهدافك بكفاءة وفعالية.

 

الدافعية والتعلم

جميع أنواع التجارب السابقة والتي أجريت على الحيوانات في التعلم اعتمدت على وجود دوافع هما دافعي الجوع  والعطش، ولن يتعلم الحيوان شيئاً دون دافع.

 

وينطبق هذا القول على الإنسان إلا أن الفرق الجوهري في دافع التعلم عند الإنسان يرقى من مجرد الدوافع البيولوجية والفيزيولوجية لتشمل الدوافع الاجتماعية المكتسبة مثل:

 

  • الحاجة إلى تقدير الذات
  • الإنجاز
  • الاكتشاف

 

وجميعها أمثلة على دوافع مهمة للتعلم الإنساني؛ لهذا من المهم بالنسبة إليك أن تشعر بالرغبة في الموضوع الذي تتعلمه، فهذا الميل يعد قوة دافعة، ويسهل تكوين هذا الدافع عندك إذا أدركت الهدف من الدرس وأهميته في حياتك العامة، ومغزاه بالنسبة إلى مستقبلك التعليمي والمهني.

 

التعزيز والتعلم

يؤدي التعزيز سواءً كان موجباً أم سالباً دوراً هاماً في التعلم الفعّال، فمن المعروف أن كل ما يشبع الدوافع ويرضي الرغبات ويتفق مع الميول هو نوع من المكافأة، ويشمل ذلك الجوائز والدرجات في الامتحانات وكل ما يشعر الإنسان بالرضا والارتياح وهو ما يسمى بالتعزيز الموجب.

 

وقد يكون التعزيز السلبي مفيداً أحياناً حينما يحرم الشخص المخطئ من شيء يحبه ويوجه انتباهه إلى أخطائه حتى يتجنبها، لذا فإن معرفة النتائج أو التغذية الراجعة في هذه الحالة أهمية خاصة، فحين تعلم أنك أخطأت في نطق كلمة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ثم تستمع إلى النطق الصحيح للكلمة من معلمك فإنك في هذه الحالة تتعلم الاستجابة الصحيحة. 

 

الممارسة والتعلم                                                                                                                                    

هناك نوعان من الممارسة أثناء التعلم هما الممارسة الموزعة والممارسة المركزة:

 

  • الممارسة الموزعة يتم التعلّم في جلسات قصيرة بينها فترات للراحة.
  • الممارسة المركّزة يتم التعلّم في جلسات طويلة نسبياً دون راحة، والممارسة الموزعة عموما أفضل من المركزة. 

 

وتختلف طريقة تحديد الفترات الزمنية المناسبة لكل من التعلم والراحة حسب المهام التي تقوم بها، ومبدأ الفروق الفردية بين الأفراد، ويمكن القول إنك يجب أن تستريح طالما تشعر أن كفاءتك في العمل بدأت تتناقص وأن أخطاءك بدأت في التزايد، على أن تكون فترات الراحة خلال العمل الواحد الذي تؤديه قصيرة، أما إذا انتقلت من عمل إلى آخر كأن تتحول من استذكار اللغة العربية إلى الرياضيات فيجب أن تكون فترة الراحة أطول. 

 

يجب ألا تطول فترات الراحة أو تقصر لأن فترات الراحة الطويلة تؤدي إلى نسيان المعلومات السابقة. وأيضاً يجب ألا تقصر لكي لا تتداخل المعلومات اللاحقة مع المعلومات السابقة.

 

الدور الإيجابي للمتعلم

كلما زاد الجهد المتفاني الذي تبذله في تعلم المادة الدراسية كان تعلمك أكثر جودة وفائدة مثل: إعداد الدرس مقدماً، وتلخيصه أثناء تعلمه والمشاركة في المناقشة، وطرح الأسئلة التي تتصل بالموضوع.

 

قابلية التعلم للانتقال

تزداد كفاءة التعلم إذا كان تعلم موضوع معين يؤثر إيجابياً ويفيدك في تعلم موضوع آخر، وهو ما يسمى بالانتقال الموجب للتعلم، فإتقانك لقاعدة نحوية في اللغة العربية واللغة الإنجليزية داخل الفصل  الدراسي يفيدك أثناء القراءة والكتابة في مواقف أخرى ولا يكون التعلّم قابلاً للانتقال الموجب إلا إذا توافرت له مجموعة من الشروط أهمها: 

 

  • العناصر المشتركة: إدراك المتعلم لوجود تشابه بين التعلم الجديد والتعلم السابق يجعل الانتقال سهلاً. 
  • الفهم: يعتمد على إدراك علاقات التشابه واستبصارها.

 

أسس الاستذكار الفعال

كيف يمكن لك أن تستذكر دروسك بطريقة مُفيدة؟

بالطبع فإن المبادئ السابقة حول التعلم الفعال تفيد في الاستذكار بالإضافة إلى مجموعة من الأسس الآتية التي يجب مراعاتها عند الاستذكار:

 

الانتباه

يؤدي الانتباه دوراً هاماً في تحسين طرق التذكر، وهذه بعض الأسس التي تفيدك في ذلك:

 

ــ تخصيص وقت معين للاستذكار والحرص على الالتزام بذلك. 

ـ تخصيص مكان معين للاستذكار بعيداً عن أماكن الاسترخاء مثل السرير.

ـ التدريب على الاستذكار في الظروف المتغيّرة، فاستخدام الأماكن الهادئة تماماً يجعل المتعلم غير قادر على الاستذكار في قليل من الضوضاء حين يضطر إلى ذلك. 

– التخلص من المشكلات النفسية أو عدم التركيز عليها أثناء الاستذكار، فإذا كانت هذه المشكلات صعبة الحل يمكن اللجوء إلى الأخصائي النفسي بالمدرسة للمساعدة في حلها.   

    

زيادة الرغبة في الاستذكار

يرتبط هذا الأساس بمبدأ الدافعية ويمكن أن تحقق ذلك لنفسك من خلال:

 

ـ التفكير في الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من دراستك للمادة ومن ذلك النجاح أو التفوق.

ـ التنافس مع الذات كأن يحدد الطالب لنفسه مستوى يسعى إلى تجاوزه. 

ـ تخصيص وقت محدد للانتهاء من استذكار المادة والحرص على تنفيذ ذلك. 

 

 المشاركة النشطة

يصبح الاستذكار أكثر قوة إذا كنت نشطاً   ومتيقظاً، ويمكن أن يتحقق ذلك بالطرق الآتية:

 

المراجعة: يمكنك أن تتوقف أثناء المراجعة بين الحين والآخر لتتذكر بعض العناصر الأساسية. 

تدوين المذاكرات: يمكنك أن تشارك بفاعلية في استذكارك إذا قمت بتلخيص ما تقرأ وتعد هذه الملخصات بنفسك وتدون أسئلة وملاحظات وأفكار حول ما تتعلم.

 

استخدام طرق القراءة الفعّالة

القراءة بالفهم تيسر لك الكثير من التعلم ويمكنك أن تستخدم لتحقيق ذلك ما يلي: 

 

  •  استعراض المادة استعراضاً عاماً قبل الد راسة التفصيلية.
  • الربط بين المعلومات الجديدة والمعلومات التي سبق لك دراستها.
  • استخدام العادات الفعّالة للقراءة من خلال الإيقاع الصحيح لحركات العين على الكلمات المطبوعة.

 

في النهاية نؤكد أن أساس النجاح هو الرغبة والاهتمام وأن الفهم الصحيح لما مرَّ معنا من خبرات سابقة له دور في سهولة الاستذكار.

 

بعض النصائح للتعلم الفعّال والاستذكار القوي

 

  • حافظ على مراجعة المواد بانتظام بدلاً من التركيز على مهمة واحدة لفترة طويلة ثم نسيانها. المراجعة المنتظمة تساعد على تثبيت المعلومات في الذاكرة بشكل أفضل.

 

  • استخدم تقنيات مثل تجميع المعلومات، وإعادة صياغة المفاهيم بكلماتك الخاصة، واستخدام الصور والرسومات لتمثيل المعلومات بشكل بصري.

 

  • حافظ على توازن جيد بين الدراسة والراحة. الاستراحة الكافية تساعد على تجديد الطاقة وتحسين التركيز، مما يجعل عملية التعلم أكثر فعالية.

 

  • اعتمد على تدوين الملاحظات أثناء الدراسة والمراجعة. استخدم الرسومات التوضيحية، والمخططات، والملخصات لتنظيم المعلومات وتسهيل استرجاعها لاحقًا.

 

  • تعلم التعاون والتدريب بالتدريس: مشاركة المعرفة مع الآخرين وشرح الموضوعات لهم يساعد في إثراء فهمك للمواد وتثبيتها في الذاكرة.

 

في ختام رحلتنا عبر استراتيجيات التعلم الفعّال، نؤكد أن النجاح الأكاديمي ليس بالأمر البعيد المنال. السر يكمن في تبني طرق التعلم الذكية والمثابرة والتفاني في تطبيقها. كل خطوة قمت بها نحو تحسين مهاراتك في التعلم تقربك أكثر فأكثر إلى تحقيق أهدافك. تذكر دائمًا أن القدرة على التعلم بفعالية هي أحد أقوى الأدوات التي يمكن أن تمتلكها في رحلتك نحو النجاح. فلتكن كل لحظة تعلم جديدة بداية لإنجاز أكبر.

 

الكاتب: أ. خالد المؤيد مدرّس مادة الفلسفة في مبادرة مسارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المحتوى عبر:

محتوى المقال