يواجه آلاف الأطفال صعوبات كبيرة في الحصول على حقهم الأساسي في التعليم ، إذ يعاني أكثر من 318 ألف طفل من التسرب المدرسي في شمال سوريا، بينهم 78 ألف طفل يعيشون في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة.
أثناء تجوالك في الشمال السوري يمكنك رصد آلاف حالات التسوب المدرسي في سوريا لأطفال وشبان هدروا طفولتهم في ميادين العمل وتنازلوا عن أبسط حقوقهم في التعلم مقابل البحث عن لقمة العيش. في هذا المقال نسلط الضوء على 3 قصص عن التسرب الدرسي لشباب سوريين اختبروه ثم عادوا إلى مقاعد الدراسة بدعم من مسارات.
ما هو التسرب المدرسي
التسرب المدرسي هو ظاهرة تتمثل في ترك الطلاب للتعليم قبل إكمال المرحلة الدراسية المقررة، سواء كان ذلك في المدرسة الابتدائية، المتوسطة، أو الثانوية. هذه الظاهرة قد تنجم عن مجموعة متنوعة من الأسباب الشخصية، الأسرية، الاقتصادية، أو الاجتماعية. بعض الأسباب الشائعة تشمل الصعوبات المالية التي تمنع الأسر من تحمل تكاليف التعليم، الحاجة إلى العمل لدعم الأسرة، عدم الاهتمام بالتعليم أو عدم رؤية فائدة مباشرة له، والمشاكل الأسرية أو الصحية.
التسرب المدرسي له تأثيرات سلبية كبيرة على الأفراد والمجتمعات؛ فهو يقلل من فرص العمل والتقدم الاقتصادي للأفراد، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة والفقر. الدول والمجتمعات المختلفة تسعى لمعالجة هذه الظاهرة من خلال تطوير برامج التعليم والدعم الاجتماعي للحد من معدلات التسرب المدرسي وتشجيع الاستمرار في التعليم.
نماذج حالات عن التسرب الدراسي والعودة إلى مقاعد الدراسة
الحالة الأولى
أويس حيدر شاب واجه صعوبات كبيرة في طفولته، فقد استشهد أخوته وهو في سن مكبرة وتهجر قسرياً من مدينته في ريف دمشق إلى مناطق الشمال السوري، فوجد نفسه مجبراً على التخلي عن كل شيء بما في ذلك دراسته مقابل الحصول على عمل يسد رمق من تبقى من عائلته، إلا أن حلمه في متابعة الدراسة ما يزال يلوح أمامه وسيحققه في أقرب فرصة.
الحالة الثانية
أمّا حكمت التمر الشاب العشريني فقد شهد أهوال الحرب في مدينته دير الزور وتهجر مع كثير من أهلها إلى مناطق الشمال السوري، ما اضطره للتسرب المدرسي ودخول ميدان العمل ليتماشى مع حياته الجديدة ويكسب قوت عائلته،لكن التحديات التي عاشها لم تمنعه من التفكير بالتعلم من جديد ومتابعة الدراسة في ذات الوقت الذي يعمل به عبر انضمامه لمبادرة مسارات على أمل تأمين مستقبل أفضل لعائلته.
الحالة الثالثة
أما مهند الجاسم والذي يعيش في إحدى مخيمات الشمال السوري التي تفتقر للخدمات التعليمية، ويعتبر أن بعد المنشآت التعليمية عن مكان سكنه من أبرز الصعوبات التي يواجهها، فقد اضطرّ للانقطاع عن دراسته، والانخراط في مهنة الرّعي الشاقة منذ صغره لمساندة أسرته في تأمين احتياجاتها الضرورية، لكنّ تلك العقبات لم تدفعه للتخلّي عن حلمه بالتعليم، وبعد 11 عاماً من التوقف عن الدراسة، استطاع العودة ليستأنف مسيرته الدراسية بنجاح.
مسارات: تحارب التسرب المدرسي للأطفال
مبادرة مسارات كانت مصدر الأمل لأويس، مهند، وحكمت، حيث وفرت المبادرة لهم ولأكثر من 12 ألف طفل تسرّب عن التعليم بسبب الظروف المعيشية الصعبة فرصة التعلّم الإلكتروني من داخل أماكن عملهم، وزودتهم ببعض سبل التوجيه والإرشاد لمساعدتهم على تحقيق أحلامهم، وتأمين حياة كريمة لعائلاتهم.