في عصر يتسم بالسرعة والتطور أصبحت التنمية المستدامة في التعليم ضرورة ملحة؛ لتواكب متطلبات العصر، إنها الرؤية التي تهدف إلى تحقيق التغيير الإيجابي في العملية التعليمية وضمان استمراريتها على المدى الطويل، لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للأجيال.
أهداف التعليم المستدام تكون أثارها على المدى الطويل، بحيث تحقق الاستفادة للدارسين في الحياة العلمية والعملية، وهذا لكي يتحقق يجب أن يكون التعليم ذو جودة عالية، وأهم ما يمكن تحقيقه في التعليم المستدام هو الاستمرارية وإدراك أبعاد الاستدامة في التعليم.
وفي هذا النص سوف نشارك بعض المفاهيم عن استدام التعليم.
ماذا يقصد بالتنمية المستدامة في التعليم؟
التنمية المستدامة في التعليم تعني بناء نظام تعليمي يوفر فرص تعليمية متساوية للجميع دون تمييز، ويعتمد على دمج مبادئ التنمية المستدامة ضمن أساليب التعليم المبتكرة.
واتباع استراتيجيات وأساليب يكون هدفها أضافة معلومات قيّمة للطلاب، وتسعى إلى التوازن بين المعلومات وكيفية تطبيقها، لأن عملية التطبيق وإدارتها كلها تعدّ فنون جديدة يكتسبها الطالب تساعده بامتلاك خبرات للحياة العملية، مثل التعاون، تبادل الأفكار، مشاركة المعلومة، تعلم طرق عملية لتنظيم المعلومات.
أهداف تطبيق التنمية المستدامة في التعليم
أهم ما يمكن ذكره من أهداف التنمية المستدامة ما يلي:
- تسليط الضوء على أهمية العملية التعليمية في تحقيق الأهداف المستقبلية.
- التأكيد على الارتقاء بالعملية التعليمية بطرق مميزة لإثرائها، مما يؤدي إلى الارتقاء بمكانة التعليم عند الجميع.
- استخدام أساليب مبتكرة يكون هدفها إضافة خبرات للمعلمين، وتنمية مهارات المتعلمين.
- تمكين الطلاب من فهم الدور الأساسي للتعليم في حياتهم، وتعليمهم طرق مكتسبة للتعليم الذاتي.
- ضمان وصول التعليم لجميع شرائح المجتمع دون استثناء.
- تعزيز التعليم ذو المعايير العالمية.
- توفير بيئة تعليمية تشجع على التفكير النقدي والابتكار.
- تعزيز الوعي بقضايا الاستدامة وتضمينها في المناهج التعليمية.
- بناء قدرات المعلمين والمدربين لتوجيه العملية التعليمية نحو التنمية المستدامة.
يمكن الإشارة إلى أهمية التعليم المستدامة الذي يهدف إلى جعل ما يتعلمه الفرد يرافقه مدى حياته الاجتماعية والعملية، من خلال المناهج المتبعة في اكسابه المعلومة.
مقومات التنمية المستدامة في العملية التعليمية
تعتمد مقومات التنمية المستدامة على ثلاث محاور رئيسية هي: البيئة، والاقتصاد، والمجتمع، لذا من المهم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بناء أساس يعتمد حل المشكلات التي تواجه الطلاب؛ ويكون من خلال:
- التوجيه الاستراتيجي: وضع رؤية واضحة وخطط عمل محكمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يراعي فيها العملية التعليمية والبيئية التعليمة للأجيال، للتأكد من مناسبة تحقيقها.
- الشمولية: ضمان مشاركة جميع فئات المجتمع في العملية التعليمية دون تمييز،لأن الأصل في استدامة التعليم هو تمكين الأفراد من مختلف الثقافات للتعامل مع اختلاف الرأي، وطرق مشروعة للتعامل مع انعدام المساواة.
- الجودة: توفير تجربة تعليمية عالية الجودة تضمن تحقيق النتائج المرجوة، من طرق استدامة التعليم التي تعمل على اكتساب وترسيخ المعلومات بطرق فعالة يمكن للفرد الاستفادة منها في شتى مجالات الحياة.
- التفاعلية: تشجيع التفاعل والتعاون بين الطلاب والمعلمين والمجتمع المحلي، والخدمة المجتمعية وطريقة دمجها مع طرق التعليم والأنشطة ليكتشف الفرد أبعاد جديدة للتعليم المستدام.
- التنوع: اعتماد أساليب تعليمية متنوعة ومبتكرة تناسب احتياجات الطلاب المختلفة، ومراعاة الاختلافات الفردية لذا يكون الأسلوب مبني على مهارات عدة تتناسب مع مهارات كل فرد على حدى، ويضمن الابتكار والتفكير النقدي.
مبادئ التنمية المستدامة في التعليم
يجب الانتباه إلى أن مبادئ التنمية المستدامة تسعى إلى التكامل الفكري لدى الأفراد في بناء العملية التعليمية، أي توضيح أن التعليم في أصله يبنى على التفكير الابداعي والابتكار وفهم المعلومات بطريقة صحيحة ومن ثُمّ تطبيقها تطبيق فيه حل للمشكلة التي تواجه الفرد، وبذلك يكون قد اكتسب عدة مهارات من التركيز على جانب واحد من جوانب التعليم.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن مبادئ التنمية المستدامة تشتمل على مفاهيم أوسع؛ مثل:
- التضامن: العمل المشترك لتحقيق الأهداف التعليمية والمجتمعية.
- العدالة: ضمان تكافؤ الفرص والمعاملة العادلة لجميع الطلاب.
- الشفافية: النزاهة والشفافية في إدارة الموارد التعليمية واتخاذ القرارات.
- الاستدامة: الحفاظ على الموارد التعليمية والبيئية للأجيال الحالية والمستقبلية.
- التسامح: زرع قيّم نبيلة للحد من المعاناة المجتمعية بين الأفراد.
- استغلال الموارد الطبيعية: تعليم طرق عملية لاستغلال الموارد البيئية في التعليم، للحد من استنزاف الطبيعة.
- الحد من الفقر: أن الاستدامة تعتمد بشكل كبير على تنمية المهارات الفردية ليصبح قادراً على مواكبة التطورات والتحديات التي تواجهه؛ من خلال عملية التعليم المستمر أو التعليم مدى الحياة؛ وماذا يقصد بهذا المصطلح؟
مصطلح التعليم مدى الحياة يعنى: اكتسب الفرد خبرات معرفية تراكمية تؤدي إلى زيادة الترابط بين الحياة العلمية وبين الحياة العملية عن طريق التعلم المستمر دون انقطاع مما ينمي مهارات جديدة يستطيع من خلالها المنافسة في سوق العمل، واستدامة التعليم تعتمد بشكل كبيرة على هذا النهج حيثُ يحفز الفضول والاكتشاف والبحث عن حلول سريعة، لأن الفضول في العمل أو في الدراسة يجعلك تبدع وتبتكر لتخرج بأفضل النتائج.
تكمن أهمية التعليم مدى الحياة في التطور المهني وتحقيق النجاح والتعلم الذاتي، وتوسيع المعارف لدى الفرد مما يمكنه من معالجة المعلومات بطريقة مميزة وجديدة.
وفي هذا العصر أصبح دور التكنولوجيا مهماً في دعم التعليم المستمر حيثُ التعلم عن بعد “أون لاين” أصبح متاحاً بشكل كبير للجميع بمتطلبات يمكن للأفراد امتلاكه؛ واستخدام هذه الموارد بشكل منهجي ومتوازن، كما تعمل مبادرة مسارات على توفير المواد التعليمية في قناة اليوتيوب لجميع المتعلمين كوقف معرفي، وتسهيل آلية الوصول إلى هذه المعلومات؛ فقد انتهجت مسارات استدام التعليم منهجاً أساسياً في أداء المبادرة، لتتمكن من تقديم التعليم للجميع والمساواة بالفرص التعليمية.
ما هو دور المعلم في تحقيق التنمية المستدامة؟
يشكل المعلم الركيزة الأساسية في عملية تحقيق التنمية المستدامة في التعليم، حيث يقع على عاتقه مهمة توجيه الطلاب نحو تحقيق الأهداف المرجوة من خلال تبني ممارسات تعليمية مبتكرة ومستدامة، والسعي لتضمين قيم التنمية المستدامة في العملية التعليمية مثل:
- مهارات عاطفية ومهارات اجتماعية
- آلية الوصول إلى المعلومة بطرق مبتكرة
- الحوار وتبادل الأفكار “العصف الذهني”
كيفية تطبيق التنمية المستدامة في التعليم
- تضمين مفاهيم الاستدامة في المناهج التعليمية والأنشطة الدراسية.
- تشجيع الطلاب على اكتساب مهارات الفكر النقدي وحل المشكلات المتعلقة بالاستدامة.
- توفير بيئة تعليمية محفزة وملهمة تشجع على التفاعل والتعلم النشط.
- تدريب المعلمين على استخدام أساليب تعليمية مبتكرة وفعالة تعزز التنمية المستدامة.
- تعزيز التعاون بين المدارس والمجتمع المحلي لتوفير الدعم والموارد اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة.
ولكن يجب الانتباه إلى التحديات التي تواجه المعلمين في عملية الدمج بين التعليم وبين استدامة التعليم، مثل التحديات المادية والتحديات المعرفية وهنا يجب أن يكون المعلم متدرب بدرجة تحكي المعايير العالمية في التعليم، وهذا ما تسعى مبادرة مسارات لامتلاكه بتوجيه المعلمين للتدريب المستمر على طرق ومنهاج لاكتسابها من أجل تقديمها بقالب معرفي ومنهجي للطلاب.
القيم والتوجهات التي يجب على الطلاب اكتسابها لتحقيق التنمية المستدامة؟
- الوعي بأهمية الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
- الالتزام بالمشاركة الفعّالة في الحياة المجتمعية والبيئية.
- التفكير النقدي وقدرة التحليل وحل المشكلات.
- الاحترام والتقدير للثقافات المختلفة والتنوع البشري.
- التعاون والتفاعل الإيجابي مع الآخرين في سبيل تحقيق التغيير الإيجابي.
أنشطة التنمية المستدامة في مجال التعليم
- إقامة حلقات نقاش وورش عمل حول مفاهيم الاستدامة وتطبيقاتها في التعليم.
- إقامة فعاليات ثقافية وبيئية تشجع على الوعي بقضايا الاستدامة.
- إطلاق مشاريع تعليمية مستدامة تشمل حفظ الموارد الطبيعية والتوعية البيئية.
- تنظيم رحلات ميدانية وزيارات للمواقع البيئية لتوسيع آفاق الطلاب وتعزيز وعيهم بالاستدامة.
- تشجيع الطلاب على المشاركة في مبادرات تطوعية تهدف إلى تحسين بيئتهم المدرسية والمجتمعية.
مسارات للتعليم والتنمية المستدامة في سوريا
مسارات هي مبادرة تعليمية تقدم خدمات تعليمية شاملة ومعرفية للسوريين بشكل مجاني، خصوصا لمن هم في أمس الحاجة لهذا الدعم كالأيتام، ذوي الهمم، والفقراء المقيمين في مخيمات النازحين. تنطلق هذه المبادرة من نموذج متكامل يشمل التعليم المدرسي، الأنشطة الطلابية، الإرشاد الأكاديمي، وتوفير الدعم النفسي والتقني، بالإضافة إلى التدريب المهني، لضمان توفير بيئة تعليمية متكاملة تساعد الطلاب على تحقيق أقصى استفادة ممكنة.
وتتجسد مبادرة مسارات في نموذج عمل مستدام ومبتكر، يهدف إلى تمكين المستفيدين معرفياً ليقوموا بدورهم في تنمية شاملة للمجتمع بأكمله.
منذ انطلاقتها، استطاعت “مسارات” أن تقدم خدماتها لأكثر من 31 ألف طالب بشكل مجاني، مؤكدة على التزامها بتوفير التعليم والدعم للشرائح الأكثر احتياجا في المجتمع.