حرمان المرأة من حق التعليم في منطقتنا العربية ظاهرة منتشرة، وتتزايد -بشكل ملحوظ- في وقتنا الحالي مع تفاقم الأزمات والكوارث التي تحيط بنا من كل حدب وصوب. ولأن تعلم وتعليم النساء يعد ضرورة لما له من أثر مباشر على وتربية أطفالنا يبرز السؤال التالي: كيف نساعد المرأة للحصول على تعلم لائق؟
في هذه السطور، نناقش مسألة حق المرأة في التعليم، وكيف يمكن مساعدتها على منحها هذا الحق الذي حُرمت منه لأسباب كثيرة عبر مبادرة مسارات التي حولت تعليم المرأة من حلم إلى حقيقية
حق المرأة في التعليم
في المنطقة العربية، يُعد حق النساء في التعليم مسألة أساسية تستدعي الاهتمام والتطوير المستمر. على الرغم من التقدم الملحوظ في السنوات الأخيرة نحو تحقيق المساواة التعليمية بين الجنسين، لا تزال هناك تحديات، بما في ذلك العوائق الثقافية والاقتصادية، تحول دون تمكين النساء والفتيات تعليميًا. تعليم المرأة يُعتبر ركيزة للتنمية المستدامة وتقدم المجتمع. من الضروري تبني سياسات تعليمية فعّالة تدعم الوصول الكامل للمرأة إلى التعليم وتشجع على مشاركتها الفعالة في جميع مناحي الحياة.
من طالب بتعليم المرأة بعد الحرمان
هل تعلم عن المثابرة؟ المراقب العام لأجواء الجامعات والمعاهد في سوريا يرصد إقبالاً نسائياً لافتاً للأنظار على المقاعد الجامعية، فحرمان بعضهن من الحصول على فرصتهن في التعليم في مقتبل حياتهن لم يمنعهن من المثابرة والجد المضاعف في البحث عن الشهادة التي تعتبر حصناً لكل متعلم إذ تمكنّت بعض النساء من العودة إلى مقاعد الدراسة بكلّ إصرار ليحققن حلمهنّ الذي سُلب منهنّ منذ الصغر، وخاصة بعد أن وفرت لهم مسارات فرصة التعليم الثانوي من منازلهم دون ترك أطفالهم أو التزاماتهم المنزلية.
تحديات الحياة لم تقتل الحلم
فاطمة المحمّد سيدة أربعينية هجرت مقاعد الدراسة في صغرها بسبب العادات والتقاليد التي كانت سائدة في بلدتها والتي تعيب على المرأة السفر للجامعة، ولكنّ حلمها في التعليم لم يغب عنها لحظة رغم زواجها وتحملها متاعب الأسرة والاعتناء بالأطفال والمنزل، ذلك الحلم ولًد لديها دافعاً للعودة إلى مقاعد الدراسة والحصول على الشهادة الثانوية.
أمّا حسناء المعرّاتي، الفتاة الشابة فقد واجهت تحديّات كبيرة أثناء محاولتها العودة لمقاعد الدراسة، إذ لم يكن لديها القدرة على الذهاب إلى المراكز التعليميّة التي تبعد عن منزلها كما أن انشغالها بتربية الأطفال أكل غالب وقتها، ولكنّ عزيمتها دفعتها للبحث عن فرصٍ تعليميّة مميزة، حتى وجدت سبيلاً تحقق من خلاله هدفها بأن تكون سيدة متعلّمة عبر مبادرة مسارات التي أوصلت لها المنهاج التعليمي إلى منزلها.
بينما كانت سلمى الحايك مثالاً آخر للجد ومواجهة الصعاب، فقد انقطعت سلمى عن التعليم لمدة تجاوزت التسع سنوات بسبب ظروف التهجير والحرب التي عصفت في البلاد، إضافة لانشغالها بأمور منزلها وتربية أطفالها، لكن تلك السنوات لم تقتل النور بداخلها ولم يخبو حلمها في متابعة التعليم والحصول على الشهادة التي تمكنها من دراسة التمريض، فعادت لتكمل دراستها على أمل تحقيق الحلم بالسرعة القصوى.
التعليم للنساء حلم يتحول إلى حقيقة مع مسارات
هؤلاء الأمهات الثلاثة وجدن طريقهنّ لإكمال مسيرتهنّ الدراسيّة مع مبادرة مسارات، على الرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهتهنّ، فقد تمكن من تذليلها وتحويل أحلامهنّ إلى حقيقة، حيث ضمّت المبادرة أكثر من 600 امرأة انقطعت عن التعليم، ووفرت لهنّ فرصة التعلّم عن بعد وبشكل مجاني، من داخل منازلهنّ، وبين عائلاتهنّ، كما زودتهنّ أيضاً بالإرشاد والتوجيه التربوي الذي يساعدهنّ على تنشئة وتربية أطفالهنّ، وبناء مستقبل مبهر لهنّ.