حينما يغفو الليل في سباته، تبقى أرواح المؤمنين ساهرةً تتلمس نور القرب من الله في صلاة التهجد في رمضان، تلك العبادة التي تفتح أبواب الرحمة والمغفرة، فما أعذب تلك اللحظات التي تخلو فيها النفس بخالقها تسجد بخشوع وتناجيه بأجمل أدعية التهجد في رمضان، طامعةً في رضوانه.
في هذا المقال من مسارات، نسلط الضوء على كيفية صلاة التهجد وعدد ركعاتها في رمضان وأفضل أوقاتها وفضلها العظيم، مع إيضاح الفرق بين التهجد وقيام الليل، لنحيا روحانيات هذا الشهر المبارك بأجمل صور العبادة والخشوع.
كيفية صلاة التهجد وعدد ركعاتها
تُصلَّى صلاة التهجد في رمضان بعد صلاة العشاء وسُنّتها ويمتدّ وقتها حتى طلوع الفجر، يُمكن للمسلم أن يؤديها ركعتين ركعتين ثم يختمها بوتر.
أو يمكن الاكتفاء كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم بإنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة في رمضان وغير رمضان.
حين يصفو الليل ويخلو القلب من شواغل الدنيا، يتأمل العبد في كيفية صلاة التهجد وعدد ركعاتها، فالبعض يفضّل أن يبدأ بركعتين خفيفتين ثم يتدرج في الإطالة، قارئًا من كتاب الله ومستشعرًا عظمته في لحظات الخشوع ومهما كان العدد فإن الثبات والمداومة هما سر البركة والقبول.
أوقات صلاة التهجد في رمضان
تبدأ صلاة التهجد في رمضان من بعد العشاء وتستمر حتى قبيل أذان الفجر، لكن أفضل أوقاتها هو الثلث الأخير من الليل، حيث تتنزل الرحمات وتُفتح أبواب الإجابة.
في هذا الوقت، يسري نور الطاعة في القلوب فتلهج الألسنة بـدعاء التهجد في رمضان، مستمدّة من الأمل بأن يُكتب لها نصيب من عطاء الله الذي لا ينضب.
أوقات صلاة التهجد في رمضان تتفاوت بين الناس وفق قدرتهم وهمّتهم، فمنهم من يستيقظ في منتصف الليل ومنهم من يختار ساعة السحر حيث السكون الأعظم والتجلّي الأبهى.
فضل صلاة تهجد
من غرف من سكينة التهجد في العشر الأواخر من رمضان، عرف أن لهذه الصلاة سرًّا لا يناله إلا من أخلص قلبه ورفع كفّيه تضرعًا، هي نافذة مفتوحة على كنوز الرحمة والمغفرة، ومنهج السائرين نحو رضوان الله.
في وقت صلاة التهجد حين تخلو الدروب وتغفو الأعين ويعلو صوت الدعاء، فمن ثابر على صلاة التهجد في رمضان، فقد وطّن نفسه على نيل رضا الله واحتضان نفحات ليلة القدر التي تُكتب فيها المقادير ويُعتق العباد من النيران.
وقد أثنى الله على عباده القائمين بالليل في كتابه الكريم، فقال: “إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٍ وَعُيُونٍ، ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَىٰهُمْ رَبُّهُمْ ۚإِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ، كَانُوا۟ قَلِيلًۭا مِّنَ ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِٱلْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الذاريات: 15-18).
وكان قيام الليل من صفات عباد الرحمن، كما ورد في قوله تعالى: “وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا، وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًۭا وَقِيَٰمًا” (الفرقان: 63-64).
وروى الترمذي عن أبي أمامة أنه قال: “”عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد”.
الله عز وجل منحنا شهر رمضان لنعاود به مسك زمام أنفسنا وضبط شهواتنا لنجدد إيماننا ونستشعر معاني الإيمان والفرق بين الدنيا والآخرة، لذلك نصوم ونصلي ونُخرج الصدقات ونقوم الليل وكل هذا لنا سندرك أثره في حينها فإن من ذاق هذا الفضل لن يعود إلى ما كان عليه.
أفضل دعاء للتهجد
وردت أدعية كثيرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس”.
ومن أروع الأدعية التي جمعت بين التوحيد والخضوع: “وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعها، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت”.
وفي التهجد في العشر الأواخر من رمضان، حيث النفحات الربانية مضاعفة، كان من أفضل أدعية صلاة التهجد في رمضان التي قالها النبي ﷺ: “اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم”.
أما من أراد أن يملأ ليله تسبيحًا وتهليلًا، فله أن يقول كما ورد عن رسول الله ﷺ: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا، سبحان الله بكرة وأصيلا، سبحان الله بكرة وأصيلا، سبحان الله بكرة وأصيلا، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه”.
و من آداب الدعاء، وأسباب إجابته حمد الله تعالى قبل الدعاء، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة من الصدقة وصلة الأرحام، فكلما تقرب العبد إلى الله تعالى، كانت رحمة الله، ومحبته، وإجابة دعائه أقرب إليه، وكلما كانت الصدقة في موضع الاحتياج للمسلمين كلما كانت أعظم أجراً وأمدُّ أثراً.
لذلك ندعوكم للمساهمة معنا في حملات دعم تعليم الأيتام وسكان المخيمات في سوريا، وحملات التدريب المهني للشباب السوري الذي يعاني من فجوة كبيرة بين واقعه وبين ما وصل إليه العالم من التكنولوجيا الرقمية، لذلك نحاول في حملاتنا أن نزوّد الشباب السوري بالتدريب الاحترافي على أكثر المهارات طلباً للعمل عن بعد، ونؤهلهم ليكونوا قادرين على دخول سوق العمل.
وربما تسأل نفسك الآن كيف لك أن تقدم المساعدة في هذه الأيام الفضيلة، أيام الرحمة والإحسان، لذلك ندعوك للمساهمة بشكل مباشر في حملاتنا التي تهدف لدعم تعليم أشد الفئات احتياجاً في سوريا :
- حملة تعليم الأيتام
- حملة تعليم أصحاب الهمم
- حملة تعليم النازحين في المخيمات
- حملة التدريب المهني للشباب
- حملة علّم وأطعم لأطفال المخيمات
مساهمتك في أي من هذه الحملات مهما كانت بسيطة، تحمل لك عظيم الأجر والثواب، فنحن في شهر مضاعفة الأجور والحسنات، وتحمل للمستفيدين الأمل بمستقبل أفضل، وتشعرهم بأمان أن هناك من يهتم لأمرهم ويحاول مساعدتهم، فنحن كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌّ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.
لا تتردد بالمساهمة .. هي أيام معدودات فلا تبخل على نفسك بعظيم الأجر.