مبادرة مسارات

فهم تغيير الاتجاهات: استراتيجيات لتوجيه السلوك ودعم القرارات
10 مارس، 2024
محتوى المقال

تعدّ الاتجاهات بناءً معرفياً افتراضياً يعكس تنظيماً لآراء الفرد ومعتقداته وسلوكه، ونظراً لأهمية الاتجاهات في توجيه ودفع السلوك فقد لقيت قدراً كبيراً من الدراسة والتجريب، فكل تغير أو تقدم اجتماعي يتطلب أيضاً وعياً بما يسبب تغيير الاتجاهات أي أن هذه العوامل تقاوم هذا التغيير.

 

تعريف الاتجاه

إن الاتجاه هو تركيب عقلي نفسي، يوجه سلوك الأفراد نحو مواضيع معينة ويبتعد عن مواضيع أخرى، ومن أمثلة الاتجاه حب فرد لتخصص معين أو كراهيته لتخصص آخر، أو حب فرد لجماعة ما أو كراهيته لجماعة أخرى.

 

مكونات الاتجاه

الاتجاه يتكون من ثلاثة عناصر أساسية تتفاعل مع بعضها لتعطي الشكل العام للاتجاه وهي:

 

1- المكون المعرفي: ويشتمل على معتقدات الفرد وأفكاره وتصوّراته ومعلوماته نحو موضوع معين.

الاتجاه سواء كان أشياءً أو أشخاصاً أو مواقفاً أو غيرها، والمعتقدات التي تشمل تصوّرات الفرد ومعارفه تجاه موضوع معين وتسهم في كيفية تكوين اتجاهاتنا سلبياً أو إيجابياً نحو الموضوعات والمواقف لأن كل صفة من هذه الصفات المرتبطة باعتقاد ما عادة ما يكون لها تقييم معين لدينا هل هي مرغوبة أم غير مرغوبة؟

 

مثال: نسق المعتقدات حول تدخين السجائر يقصد به مجموعة المعتقدات التي توجد لدى الفرد حول هذا الموضوع والتي ينتظم من خلالها سلوكه.

 

2-المكون الانفعالي: ويشير إلى مشاعر الفرد وانفعالاته نحو موضوع معين.

فالاتجاهات تنطوي على شحنات انفعالية معينة، إذ ينزع الأفراد أن يكون لهم استجابة انفعالية معينة تجاه أشخاص أو موضوعات، أو مواقف يحبونها أو يكرهونها، يسعدون بها أو يبغضونها، يرونها حسنة أم سيئة، ولعل هذا الجانب هو أكثر المكونات عرضة للثبات وعدم التغير.

 

فحين يتعرض الأشخاص لحقائق أو معلومات جديدة تناقض ما يعتقدونه عن الأشياء أو الأشخاص؛ فإن هذا الجانب يساعد على استمرار الاتجاه لما ينطوي عليه من شحنات انفعالية. 

 

3- المكون السلوكي: تحمل الاتجاهات معها ميلاً أو نزوعاً للقيام أو عدم القيام بفعل أو سلوك معين، فإذا أعجبنا شيئاً أو شخصاً، أو جماعة، أو موضوعاً معيناً فقد نسلك بما يتيح لنا أن نسانده أو نؤيده أو نقترب منه بشكل ما.

 

بالرجوع إلى مثال التدخين نجد أن المكونات الثلاثة للاتجاه:

 

 أ- اعتقاد الفرد بأن التدخين ضار بالصحة (مكون معرفي).

ب- كراهية الفرد لرائحة التدخين والمدخنين (مكون وجداني)

جـ- الابتعاد عن المدخنين أو محاولة منعهم من التدخين (مكون سلوكي).

 

أهمية دارسة الاتجاهات

تمثل الاتجاهات أحد أهم موضوعات علم النفس الاجتماعي وذلك لما لها من تأثير في توجيه سلوك الفرد، ويرجع انتشار مفهوم الاتجاه إلى عدة أسباب منها:

 

  • تتسم الاتجاهات بالثبات النسبي، فأحكام الفرد عن الموضوعات والقضايا التي تهمه ثابتة نسبياً.
  • أنها متعلَّمة ومكتسبة، وبالتالي يمكن تغييرها وتطوير برامج لتدعيم الاتجاهات المرغوبة.
  • تحديد الاتجاهات للكيفية التي يستجيب بها الأفراد لمواقف الخبرة التي يمرون بها.
  • إمكانية التنبؤ من خلال المعرفة باتجاهات الأفراد وبسلوكهم في المواقف المختلفة.
  • تساهم الاتجاهات في رسم حدود الصلة بين قيم المجتمع وتوجهات الأفراد.

 

خصائص الاتجاهات

  1. الاتجاهات مكتسبة ومتعلمة، وليست وراثيّة.
  2. الاتجاهات تتكون وترتبط بمثيرات ومواقف اجتماعية، ويشترك عدد من الأفراد أو الجماعات فيها.
  3. الاتجاهات لا تتكون من فراغ، ولكنها نتيجة علاقة بين فرد وموضوع من موضوعات البيئة، أو قضية من القضايا.
  4. الاتجاهات تتعدد، وتختلف حسب المثيرات والموضوعات التي ترتبط بها.
  5. يتضمن الاتجاه عنصراً عقلياً يُعبر عن معتقدات الفرد، أو معرفته العقلية عن موضوع الاتجاه.
  6. يتضمن الاتجاه عنصراً انفعالياً يعبر عن تقييم الفرد، ومدى حبه، أو استجابته الانفعالية لموضوع الاتجاه.
  7. يتضمن الاتجاه عنصراً سلوكياً يعبر عن سلوك الفرد الظاهر الموجه نحو موضوع الاتجاه.

 

وظائف الاتجاهات

  • تحدد طريق السلوك وتفسره.
  • تنظم العمليات الدافعية والانفعالية والإدراكية المعرفية حول بعض النواحي الموجودة في المجال الذي يعيش فيه الفرد.
  • تنعكس في سلوك الفرد وأقواله، وأفعاله، وتفاعله مع الآخرين في الجماعات المختلفة، وفي الثقافة التي يعيش فيها.
  • تيسّر للفرد القدرة على اتخاذ القرارات في المواقف النفسية المتعددة في شيء من الاتساق، والتوحد دون تردد أو تفكير في كل موقف.
  • تبلور، وتوضح صورة العلاقة بين الفرد، وبين عالمه الاجتماعي.
  • توجه استجابات الفرد للأشخاص، والأشياء، والموضوعات بطريقة تكاد تكون ثابتة.
  • تساعد الفرد على أن يشعر، ويدرك، ويفكر بطريقة محددة إزاء موضوعات البيئة الاجتماعية.
  • تعبر عن مسايرة الفرد لما يسود مجتمعه من معايير، وقيم، ومعتقدات.

 

تغيير الاتجاهات

على الرغم من أن الاتجاهات ثابتة نسبياً، وتقاوم التغيير، إلا أنها عرضة للتعديل والتغيير، نتيجة للتفاعل المستمر بين الفرد ومتغيرات البيئة، وتعتمد بعض أساليب تغيير الاتجاهات على الجانب المعرفي، وتنطوي على استخدام الحجج المنطقية وشرح المعلومات، والحقائق الموضوعية الخاصة بموضوع الاتجاه، كما تعتمد بعض الأساليب الأخرى على الجانب الانفعالي، ويوصي علماء النفس عموماً، باتباع استراتيجية تدريجية في تغيير الاتجاهات، وتوفير مناخ تسامحي يتم فيه التغيير، وكلما كان الفرد أكثر اطمئناناً كانت اتجاهاته أكثر مرونة وقابلة للتغيير.

 

أهم العوامل التي تساعد على إحداث تغيير  في الاتجاهات

  1. ضعف الاتجاه وعدم رسوخه.
  2. وجود اتجاهات متوازية أو متساوية في قوتها بحيث يمكن ترجيح أحدهما على باقي الاتجاهات.
  3. وجود خبرات مباشرة تتصل بموضوع الاتجاه.
  4. سطحية أو هامشية الاتجاه.

 

 أهم العوامل التي تجعل تغيير الاتجاهات أمراً صعباً

  • قوة الاتجاه القديم ورسوخه.
  • الجمود الفكري، وصلابة الرأي عند الأفراد.
  • مصاحبة الانفعال الشديد للاتجاه، وتحوله إلى تعصب يعمى الأعين، ويصم الآذان.
  • إدراك الاتجاه الجديد على أنه تهديد للذات. 

 

وأيضاً الدوافع القوية عند الفرد تعمل على مقاومة تغيير الاتجاهات. 

 

ختاماً نقول: للاتجاهات دوراً كبيراً في حياتنا اليومية في العديد من المجالات التي تعمل على توجيه السلوك واتخاذ القرارات وتطوير استراتيجيات الأعمال، لذلك لابد من فهم الاتجاهات لكي تساعد أبناء المجتمع على التنبؤ بالتطورات المستقبلية والدفع نحو الابتكار في مختلف المجالات والثبات على القيم الدينية والأخلاقية والتربوية والاجتماعية.

 

الكاتب: خالد المؤيد مدرس مادة الفلسفة في مبادرة مسارات

 

لا توجد أفكار عن “فهم تغيير الاتجاهات: استراتيجيات لتوجيه السلوك ودعم القرارات”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المحتوى عبر:

محتوى المقال